تبنت حركة طالبان الباكستانية الاثنين الاعتداء الانتحاري الذي اوقع 72 قتيلا الاحد نصفهم تقريبا من الاطفال في متنزه في مدينة لاهور مؤكدة انها استهدفت المسيحيين في مناسبة عيد الفصح. واصيب اكثر من 200 شخص حين حصل الانفجار وسط الحشود في ملعب الاطفال في متنزه بمدينة لاهور كبرى مدن شرق باكستان, كان مكتظا في مناسبة عيد الفصح بحسب التقويم الغربي. واعلن احسان الله احسان المتحدث باسم فصيل "جماعة الاحرار" التابع لحركة طالبان في اتصال هاتفي مع فرانس برس الاثنين "لقد نفذنا هجوم لاهور لاننا نستهدف مسيحيين". واضاف احسان "سنشن هجمات مماثلة في المستقبل", وتابع "البنى التحتية للجيش والحكومة الباكستانية والمدارس والجامعات ايضا من بين اهدافنا". والاعتداء يعتبر الاكثر دموية هذه السنة في بلد اعتاد على هجمات كبرى, وسيؤدي الى تقويض التعايش الهش اساسا في هذه الدولة الاسلامية بغالبيتها. وسارع الجيش الى الرد عبر اعلان سلسلة "عمليات" في مناطق مختلفة واعتقال العديد من "المشتبه بكونهم ارهابيين" والعثور على "مخبأ هائل للاسلحة والذخائر". واكد رئيس الوزراء نواز شريف ان "عزمنا على مقاتلة الارهاب (…) صار اقوى وخصوصا ان العدو الجبان يهاجم اهدافا سهلة المنال". وافاد شهود ان الاطفال بدأوا بالصراخ فيما حمل مواطنون الجرحى لنقلهم خارج المتنزه. وقال عارف غيل لوكالة فرانس برس "لقد ذهبنا الى المتنزه للاستمتاع بعطلة عيد الفصح, وحصل انفجار فجأة. رأيت كرة كبرى من النار واصيب اربعة الى ستة من افراد عائلتي بجروح. اثنان منهم اصابتهما خطرة". وقالت المتحدثة باسم فرق الانقاذ من جهتها ان الحصيلة ارتفعت الى 72 قتيلا الاثنين بينهم 29 طفلا. واكد المسؤول الكبير في الشرطة حيدر اشرف عدد القتلى مضيفا ان الغالبية من المسلمين. وقال متحدث باسم سلطات المدينة ان "ما بين عشرة و15 مسيحيا" تم احصاؤهم بين القتلى ولا تزال السلطات تعمل على كشف هوياتهم. وكانت الحصيلة السابقة تشير الى مقتل 65 شخصا. ودعا البابا فرنسيس السلطات الباكستانية الاثنين الى بذل كل الجهود من اجل ضمان امن السكان وخصوصا الاقلية المسيحية بعد الاعتداء "المروع". وقال البابا امام مصلين في كاتدرائية القديس بطرس "تعرضت الاحتفالات بعيد الفصح المجيد امس في باكستان لاعتداء مروع" مضيفا "مرة اخرى العنف والحقد لا يؤديان سوى الى الالم والدمار". – "اشلاء على الجدران"- وقال جواد علي الذي يقيم قبالة المتنزه ويبلغ من العمر 35 عاما ان قوة الانفجار ادت الى تحطم زجاج منزله. واضاف "كان كل شيء يهتز وسمع الصراخ في كل مكان وانتشر الغبار", موضحا "بعد عشر دقائق خرجت, وكانت اشلاء الضحايا متناثرة على جدران المنزل. كان الناس يبكون ويمكن رؤية سيارات الاسعاف". وتابع ان المتنزه كان مكتظا الاحد بسبب عيد الفصح بحسب التقويم الغربي. واوضح "كان هناك كثير من المسيحيين في المكان. كان المتنزه مكتظا حتى انني طلبت من عائلتي عدم التوجه اليه". واعلن الحداد لثلاثة ايام في اقليم البنجاب (عاصمته لاهور) لكن مدارس ومؤسسات حكومية اخرى فتحت ابوابها كما قال مسؤول الشرطة عبد الله سمبل. وجرى تشييع اولى الضحايا الاثنين على ان يقام تكريم لهم مساء في مكان الاعتداء. وفي منزل سلمات مسيح ابن العشرين عاما الذي قتل في الهجوم, كان اليأس باديا على الوجوه عند وصول جثمانه. وخسرت العائلة ايضا فتى في السادسة عشرة. وقال يوسف مسيح (55 عاما) وهو في الوقت نفسه والد وجد القتيلين "كان اصدقاؤهما هناك (في المتنزه) وقد غادرا سعيدين قائلين ان مباراة في الكريكت تنتظرهما. ولكن حين وصلا وقع الانفجار". – "كنا نخشى شيئا ما" – ويشكل المسيحيون حوالى 1,6% من عدد سكان باكستان البالغ 200 مليون نسمة وغالبيتهم من المسلمين. وفي السنوات الماضية تعرضت كنائس لهجمات في لاهور, معقل رئيس الوزراء نواز شريف في اقليم البنجاب. لكن مخاوف المسيحيين تصاعدت مع اعدام الاسلامي المتطرف ممتاز قادري قبل شهر, علما بانه يعتبر بطلا لدى انصاره بعدما قتل في 2011 حاكم اقليم البنجاب سلمان تيسير الذي كان يؤيد تعديل قانون يجرم التجديف. وقال شمعون جيل الناشط المسيحي والمتحدث باسم جمعية تنطق باسم الاقليات في باكستان "كنا نخشى ان يحصل شيء ما". ونددت الولاياتالمتحدة بالهجوم "الجبان" فيما كتبت الباكستانية ملالا يوسفزاي الحائزة جائزة نوبل للسلام في تغريدة "على باكستان والعالم ان يتحدوا. يجب حماية كل روح واحترامها". وقد تراجعت مستويات العنف عموما في باكستان منذ ان بدأ الجيش هجوما واسع النطاق على معاقل حركة طالبان وتنظيم القاعدة في المناطق الحدودية مع افغانستان بشمال غرب البلاد عام 2014. والسنة الماضية شهدت ادنى مستوى ضحايا من المدنيين وقوات الامن منذ العام 2007 حين تشكلت حركة طالبان الباكستانية من مختلف الفصائل. لكن المسلحين لا يزالون قادرين على تنفيذ هجمات بين الحين والاخر. وقتل 17 شخصا واصيب عشرات حين انفجرت قنبلة داخل حافلة في بيشاور, كبرى مدن شمال غرب باكستان, في 16 مارس. وانفجار الاحد في لاهور يعتبر الاكثر دموية في باكستان. وكان انتحاري فجر نفسه على ابرز معبر حدودي بين باكستان والهند موقعا 55 قتيلا في هجوم تبناه فصيل جماعة الاحرار من حركة طالبان في نوفمبر 2014.