قلما تجتمع في ممثل مغربي ميزات متعددة كتلك التي تشكل الهوية الفنية لأمين الناجي. فالممثل الشاب المتوج أخيرا بجائزة أفضل ممثل في المهرجان الوطني للسينما بطنجة عن دوره المتفرد في شريط ‘‘ مسافة ميل بحذائي ‘‘ مسكون بالتهيئ السليم لأدوراه، باحث عن المختلف فيها، يشاهد، يقرأ ، يكتب … ويستمع كثيرا. أمين عاشق ااتفاصيل البسيطة ولا يخجل في أن يمتح من تقاسيم شخوص الحياة اليومية موادا لأدواره المقبلة. لديه ذاكرة إنسانية حافلة بالأحداث والناس، ومنها يستخرج ما يريد وقتما يريد، لإلباس هذه الأدوار مسحتها الإنسانية الأولى. أمين موهوب بالفطرة، وصقل تجربته بالاحتكاك بالميدان الفني على الأرض، وليس من نظرياته التجريدة في أقسام المدارس الفنية. المدرسة الفنية الأولى لأمين الناجي هي الزنقة والشارع والمقهى والفران والحانوت … في بيت فني صرف ولد أمين الناجي وتشرب بكل معانيه. منذ نعومة أظفاره تعود على حضور أكبر الأسماء الفنية، من الفنان المرحوم الطيب الصديقي إلى ناس الغيوان وأسمائها الخالدة، مرورا بفنانين الجيل الأول بأحمد السنوسي وبنياز والخلفي وعفيفي والصقلي و سلمات وعاجل وفلان ومجموعة تكدا والداسوكين والزعري وقشبال زروال، وامتدادا بالأجيال اللاحقة من قبيل عزيز الحطاب وكمال كاظيمي ومحمد الحبيب البلغيثي وبوسرحان الزيتوني وسعيد التنور … الخال شفيق السحيمي كان له دور مؤثر وبارز في تكوين الشخصية الفنية لأمين الناجي، كما كان أيضا الخال الآخر عبد الرحمان كومبارس الأدوار الصعبة ودوبلير المشاهد الخطيرة مجسدا لأول نافذة أطل منها أمين على الفن والسينما. ذكريات الطفولة الممعنة في الفن، ماتزال شاخصة في ذهن الممثل الشاب، ولعل أبرزها الصورة التي تخلد لمروره في أحد أماكن التصوير في الجنوب المغربي، رفقة الممثل العالمي ‘‘ تيرينس هيل ‘‘ الشهير بأدواره في سلسلة أفلام ‘‘ترينيتا‘‘. سنوات ‘‘الخدمة‘‘ على الركح صقلت موهبته التمثيلية من خلال تجارب متعددة ، أهمها الانضمام لفرقة اللواء الرائدة في المسرح التجريبي، وتقديمه معها لسلسلة من الأدوار المتميزة في أعمال مسرحية لا تقل تميزا، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ‘‘ ترانزيت ‘‘ و ‘‘ حديث ومغزل ‘‘ و ‘‘ السيبة ‘‘ للكاتب المسرحي الكبير محمد الطبعي. ولأن المشاهدة المسرحية في المغرب تظل مقتصرة على جمهور محدود، فإن شهرة أمين الناجي اقتصرت على المتابعين. معطى لم يؤثر في مسيرته، لأنه كان يبحث عن أسباب وجوده كممثل محترف أكثر من الشهرة والبريق. وكان لا بد من المرور التلفزيوني الأشهر في سلسلة ‘‘ وجع التراب ‘‘ لشفيق السحيمي، لكي يتعرف الجمهور العريض أخيرا على موهبة واعدة، من خلال شخصية ‘‘ لمهايدي ‘‘ غير العادية لدى المتلقي المغربي. قبل ‘‘ لمهايدي ‘‘ وبعده، شارك أمين الناجي في الكثير من الأعمال التلفزيونية والمسرحية والسينمائية، مع مخرجين متعددين ومن أجيال مختلفة. البداية من ‘‘ العين والمطفية ‘‘ لشفيق السحيمي العام 2001، ثم مسلسل ‘‘ ثريا ‘‘ للمخرج يونس الركاب. في السينما أو الأفلام التلفزيونية تعرف الجمهور على أدوار أمين الناجي المختلفة من خلال أعمال ك‘‘ حيط الرمل ‘‘ للمخرج المغربي لطيف لحلو، و ‘‘ أندرومان ‘‘ لعز العرب العلوي و شريط ‘‘ المعلم ‘‘ و تيلي فيلم ‘‘ النوارس ‘‘ و السلسلة التلفزيونية ‘‘ الحياني ‘‘ لكمال كمال الذي استعرض حياة وفن المطرب المغربي الراحل محمد الحياني و ‘‘ الغريب ‘‘ لمحمد مروازي. قبل تجربة اللواء، شارك الناجي في أعمال مسرحية كتبها وأعدها وأخرجها شفيق السحيمي كمسرحية ‘‘ الشرادي ‘‘ و ‘‘ المنزه ‘‘ إلى جانب ثلة من الممثلين الشباب. خارج إطار التصوير والكاميرا، أمين الناجي إنسان بسيط وعادي. يستجيب في تواضع وسهولة لطلبات الصور والسلفيات، ولا يتردد في الإجابة على التساؤلات والتفسيرات من الصغير قبل الكبير. على المواقع الاجتماعية أمين الناجي متردد نشيط، وحساباته مفتوحة أمام الجميع، ومن خلالها يتواصل مع المعجبين دون كثير إطناب أو ‘‘ تظاهر ‘‘. مازال أمين يقتعد مكانه في المقاهي الشعبية التي طالما تردد عليها أيام المراهقة والصبا، كما أنه لا زال مصرا على زيارة الأصدقاء المقربين في مقر سكناهم في الأحياء الشعبية. فابن حي عين البرجة بالدارالبيضاء يعتبر أن كل الأحياء الشعبية امتداد لمولده ومحتده، ومدرسة ‘‘ تمثيلية ‘‘ مفتوحة على تجارب إنسانية مختلفة ورائعة. كممثل تعتبر ميزة ‘‘ الخدمة على البيرصوناج ‘‘ تيمته الأساسية. لا يستصغر دورا ولا يستكبره، لكنه لا يرتاح في فترة الإعداد للشخصيات الجديدة. في الكتب، في الأفلام، في المشاهد المستذكرة من مشاهدات سابقة، في عيون الناس ووجوههم، في الصدف، في الحافلة، في الطاكسي … يستغرق الناجي في اكتشاف تفاصيل الأحداث والتعابير المضافة إليها إلى أن يهتدي لصيغة تقترب من الدور المطلوب. في مسلسل حميمو يخاطب أمين في دور ‘‘ سعيد مول الحانوت ‘‘ زوجته التي تشخصها الممثلة الشابة جليلة التلمسي، في إحدى المشاهد الحميمية متحدثا عن رغبته في أكل بعض السمك المشوي قائلا ‘‘ شوي لينا شي حوتات عايمين غير من هنا ‘‘ وهي عبارة اقتبسها الناجي من لسان شاب مغربي كان يخاطب بائع السمك في حي شعبي بالدارالبيضاء، مبديا رغبته في تناول سمك طازج مقابل دراهم قليلة. يعترف المغاربة للناجحين في كل الميادين بقيمة التواضع واصفين إياهم ب ‘‘ الراس الصغير ‘‘. أمين يمثل هذه القيمة جيدا، في وقت تتتعزز مكانته في الوسط الفني يوما بعد آخر. تتويج طنجة لبنة أخرى في بنيان التميز لدى هذا الممثل الشاب، الذي ننتظر منه عطاء أكبر، وتواضعا أكبر، و‘‘ خدمة ‘‘ أكبر. تواريخ مهمة : 1972 : الولادة بالدارالبيضاء 1994 : دبلوم في المحاسبة والتدبير المالي 1995 : الالتحاق ب ‘‘ كونسرفاتوار ‘‘ الدارالبيضاء 2001 : المسلسل التلفزيوني ‘‘ العين والمطفية ‘‘ 2005 : المسلسل التلفزيوني ‘‘ وجع التراب ‘‘ 2011 : بطولة فيلم ‘‘ أندرومان ‘‘ 2013 : بطولة مسلسل ‘‘ الحياني ‘‘ 2015 : جائزة أحسن ممثل في مهرجان طنجة عن ‘‘ مسافة ميل بحذائي ‘‘