الصدفة وحدها كانت وراء اكتشاف علمي مهم، حينما كانت سلطات مدينة نيم جنوبفرنسا، تباشر عملية حفر قرب الشارع الرئيسي للمدينة، من أجل بناء موقف للسيارات تحت الأرض، تم العثور على ثلاثة قبور، الهياكل الثلاثة، كانت مدفونة وفق الطقوس الإسلامية، حيث وضعت الجثث على الجانب الأيمن، ووضعت الرؤوس باتجاه مكةالمكرمة. بعد أخذ عينات من العظام وأسنان الهياكل العظمية، أجريت تحاليل على الحمض النووي، وتبين أن أصحابها من أصول شمال إفريقية، وأن أعمار اثنين منهم تتراوح بين 20 و 30 سنة، فيما سن الثالث تجاوز 50 سنة، ولم تكن عليهم آثار إصابات، وتوضح البيانات التي تم التوصل إليها، أن الهياكل الثلاثة تعود لجنود أمازغيين، كانوا ينتمون لجيش الخلافة الأموية. وجود المسلمين في مدينة نيم ما بين سنتي 719 و 752 ذكر أيضا في النصوص القديمة، غير أنه لم يكن يوجد دليل مادي يؤكد ذلك، لكن الذي لا يزال مجهولا هو حجم هذا الحضور، هذا الاكتشاف يؤكد وصول الفتح الإسلامي إلى فرنسا بين القرنين السابع والتاسع الميلادي. عالم الأنثروبولوجيا الفرنسي (إيف كليز) العضو في المعهد الفرنسي للبحوث والآثار، والذي يشرف على البحث، قال في تصريح نشر في مجلة «بلوس وان» الأمريكية خلال الأسبوع الماضي، «إن هذه القبور تعتبر أول دليل مادي على الوجود الإسلامي في فرنسا خلال القرن الثامن، وأضاف كنا نعلم أن المسلمين وصلوا إلى فرنسا خلال القرن الثامن ميلادي، لكن لم يكن لدينا أي دليل أو أثر على مرورهم». وأردف قائلا: «كان لدينا قليل من القطع النقدية والقطع الفخارية ولوحات من التجارة ولكن لا شيء أكثر من ذلك، على عكس ما هو موجود في شبه الجزيرة الأيبيرية جنوب جبال البرانس، التي ظلت تحت الحكم الاسلامي لقرون». كل البحوث والتحاليل التي أجريت على هذه القبور، أثبتت أنها بمثابة أدلة مادية قاطعة على الوجود الإسلامي جنوبفرنسا في القرن الثامن، وللإشارة فقد كان أقدم اكتشاف لقبر إسلامي في فرنسا، هو القبر الذي عثر عليه في مرسيليا، يعود للقرن 13 الميلادي. عبد الواحد الدرعي