يقدم المخرج سعيد خلاف في فيلمه "مسافة ميل بحذائي" دراما اجتماعية تغوص في العالم النفسي لأطفال الشوارع وصراعهم مع محيط مجتمعي لا يفتح أمام هذ الشريحة باب أمل في المستقبل. يفقد طفل الشارع ماضيه بسبب أسرة متفككة وحضن دافئ يوفر أسباب الأمن المادي والمعنوي، لكن الأخطر، كما يبين الفيلم، الذي عرض الاثنين في إطار المسابقة الرسمية للدورة 17 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، أن هذا الطفل قد يفقد المستقبل أيضا في غياب رعاية تداوي جروحه وتيسر له سبل الاندماج. هي قصة "سعيد" الذي يمنحه الفيلم اسما لا يطابق بتاتا حظه من العيش. فهو يتيم الأب الذي خضع لتسلط وعربدة زوج الأم، يغادر البيت ليواجه وحده عنف شارع لا يرحم. اعتداءات، جرائم جنسية، احتقار وتنكيل، أيام صعبة في دور رعاية القاصرين. كل ذلك يحاول سعيد تجاوزه بإرادة صلبة لكنه يصطدم كل مرة بموانع تسد أمامه الأفق. مع ذلك يدفع الفيلم (110 دقيقة) بالأحداث في اتجاه خاتمة تحقق انفراجة ترقبها المشاهد وهو ينخرط عاطفيا في دراما مؤثرة. تلك هي لحظة خروج " سعيد"، الذي برع في أدائه الممثل أمين الناجي، من السجن الذي أدين به ظلما في جريمة اغتصاب سيدة، لمحاولة البدء من جديد. شارك في تشخيص أدوار الفيلم ، فضلا عن أمين الناجي، الممثلة نفيسة بنشهيدة، راوية، عبد الإله عاجل، نجوم الزهرة. وشكلت الموسيقى التصويرية التي أنجزها الفنان محمد أسامة واحدة من نقاط قوة الشريط. حظي الفيلم بتجاوب ملحوظ من قبل جمهور متعطش لسينما تشكل مرآة لأعطاب اجتماعية تفرز شرائح مهمشة، وانكسارات تخلف ندوبا صعبة الاندمال. وهو عمل يجمع بين العنف الاجتماعي والعوالم المأساوية من جهة وهوامش الأمل التي تنبت في أكثر المساحات عدوانية وانسدادا، حيث الحب والصداقة والوفاء قيم تصمد أمام التحولات الاجتماعية الهائلة. يذكر أن المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة في المهرجان الوطني للفيلم تعرف مشاركة 14 فيلما طويلا تعكس تنوع مرجعيات ورؤى السينمائيين المغاربة.