اتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الغرب وروسيا وإيران بالسعي لتعزيز مصالحهم في سوريا وقال أمس الأربعاء إنه يخشى من أن خطة أمريكية روسية لوقف إطلاق النار في سوريا ربما تصب في مصلحة الرئيس السوري بشار الأسد. وأعلنت الولاياتالمتحدةوروسيا خططا يوم الاثنين لوقف الأعمال القتالية في سوريا من المقرر أن يبدأ سريانها يوم السبت. لكن جماعات معارضة مدعومة من السعودية وتركيا عبرت عن شكوكها بشأن تلك الخطط التي تستثني الهجمات التي ينفذها الجيش السوري وداعموه الروس ضد تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة. وقال إردوغان خلال كلمة في أنقرة بثها التلفزيون على الهواء مباشرة "للأسف لم يستطع الغرب والولاياتالمتحدةوروسيا وإيران والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة أن يقفوا شامخين احتراما للإنسانية." وتابع "على النقيض من ذلك كل هذه الدول بسبب حساباتها الخاصة سمحت بشكل مباشر أو غير مباشر للنظام (السوري) وداعميه بقتل قرابة نصف مليون شخص بريء." وزاد إحباط تركيا وهي عضو في حلف شمال الأطلسي بسبب تعامل المجتمع الدولي مع الحرب المستمرة منذ خمسة أعوام في سوريا والتي تأججت بتدخل روسيا الذي غير موازين القوى لصالح الأسد الغريم اللدود لأنقرة وبسبب الدعم الأمريكي لفصيل كردي تراه أنقرة قوة معادية. ووصلت العلاقات بين أنقرة وموسكو إلى الحضيض بعد أن أسقطت تركيا طائرة روسية قرب الحدود السورية في نوفمبر تشرين الثاني الماضي بينما وصل التوتر في علاقات تركياوواشنطن إلى أعلى مستوى له منذ سنوات. ويخشى معارضون سوريون من أن روسيا ستستغل استثناء الهجمات على جهاديين مثل تنظيم الدولة الإسلامية من وقف العمليات القتالية كذريعة لقصفهم. وقال إردوغان إنه ينبغي أن يستثني وقف إطلاق النار كذلك الهجمات على وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة جماعة إرهابية. وقال "إذا كان تحديد من ينتمي إلى أي جماعة معارضة في المنطقة سيرجع إلى روسيا ونظام الأسد وكيانات مثل وحدات حماية الشعب فإن هذا وضع خطير للغاية." وأعلنت الهيئة العليا للتفاوض التي تضم معارضين سياسيين ومسلحين للأسد يوم الاثنين أنها قبلت المساعي الدولية لوقف الأعمال القتالية لكن بشرط أن تلبى مطالب سابقة تتضمن رفع الحصار والتوقف عن قصف المدنيين. وقال كبير المفاوضين يوم الأربعاء إن الهيئة لم تقرر حتى الآن الالتزام بالخطة الأمريكية الروسية. *صراع كردي يزداد التداخل بين الموقف التركي من الحرب السورية والمعركة التي تشنها أنقرة في جنوب شرق البلاد ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني الذي شن تمردا على مدى ثلاثة عقود للحصول على الحكم الذاتي للأكراد. وتعتبر تركيا أن وحدات حماية الشعب وجناحها السياسي حزب الاتحاد الديمقراطي – اللذين يتمتعان بدعم أمريكي في المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا -قوتان معاديتان لهما صلات لوجستية وتنظيمية عميقة بحزب العمال الكردستاني. ومثل أنقرة يصنف الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية لكنهما يعتبران وحدات حماية الشعب حليفا مفيدا ولمحا إلى أنهما سيواصلان العمل معه. وقال إردوغان "ما الذي يقولانه (الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي)؟ إن حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب يحاربان تنظيم الدولة الإسلامية ولهذا يدعمانه؟ هذه كذبة كبرى." ودعا إردوغان واشنطن مرارا لتحديد من هم حلفاؤها.. تركيا أم الفصيل الكردي. وقال إردوغان ورئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إن وحدات حماية الشعب – التي تعمل مع المسلحين الأكراد في تركيا – هي المسؤولة عن التفجير الانتحاري الذي قتل 29 شخصا معظمهم جنود في العاصمة أنقرة الأسبوع الماضي. وأفاد تقرير لتحليل الحمض النووي أن المهاجم الأساسي كان تركيا وليس مقاتلا سوريا كرديا ينتمي لوحدات حماية الشعب كما أعلنت الحكومة في بادئ الأمر. لكن مصدرين أمنيين أبلغا رويترز يوم الأربعاء أنه دخل تركيا من سوريا في يوليو تموز 2014 باستخدام وثائق هوية مزورة. وقصفت القوات المسلحة التركية مواقع لوحدات حماية الشعب في شمال سوريا في الأيام التي أعقبت تفجير أنقرة وشنت ضربات جوية على معسكرات لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق فيما تعهدت الحكومة بأن المسؤولين عن الهجوم سيدفعون الثمن. وحثت واشنطنأنقرة على التوقف عن قصف وحدات حماية الشعب. واستمرت الاشتباكات أيضا داخل تركيا حيث وصل العنف في جنوب شرق البلاد إلى أسوأ مستوياته منذ التسعينيات. وقالت مصادر أمنية إن طائرات هليكوبتر عسكرية قتلت تسعة من مسلحي حزب العمال الكردستاني قرب الحدود مع سوريا يوم الأربعاء. وقالت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي الذي صدر يوم الأربعاء إن حظر التجول على مدار الساعة منع المدنيين في بعض المناطق من جنوب شرق تركيا من الوصول إلى حقوقهم الأساسية مثل الغذاء والتعليم والرعاية الصحية. وألقت الحكومة المسؤولية على المتشددين لأنهم حملوا صراعهم المسلح إلى مناطق عمرانية وقالت إن العمليات العسكرية لا تستهدف المدنيين.