عرض الفيلم الإيراني "تاكسي طهران" للمخرج جعفر بناهي مساء الأربعاء بقاعة سينما "النهضة" ضمن فعاليات الدورة 21 من المهرجان الدولي لسينما المؤلف، وسط حضور جماهري كثيف حج لمتابعة هذا العمل الفني الذي أنتج سنة 2015 وحاز على أربع جوائز دولية منها الدب الذهبي لمهرجان برلين السينمائي وجائزة اتحاد النقاد الدولي من نفس المهرجان. أحداث الفيلم تدور، في 82 دقيقة، في فضاء داخلي يتمثل في سيارة الأجرة وخارجي في الآن ذاته، من خلال تعدد الشخصيات العديدة الوافدة على هذا الفضاء، والمتمثلة في زبائن السائق الذي يلعب دوره المخرج الإيراني جعفر بناهي المحكوم عليه بالإقامة الجبرية والممنوع عليه ممارسة عمله الفني كمخرج بسبب مواقفه المعارضة. وهي الأسباب التي جعلت المخرج يتنكر في دور سائق سيارة أجرة عمومية، وينجز فيلمه الجديد الذي ينقل من خلاله للمشاهد ما يعيشه الشارع الإيراني من سلوكات وتناقضات وممارسات، من خلال تصوير وتسجيل ما يدور من أحاديث بين مختلف الزبائن الذين يقلهم في هذا التاكسي لقضاء مآربهم اليومية..
وداخل سيارة الأجره هذه، نكتشف بعضا من نماذج الإنسان داخل إيران من خلال شخصيات السارق وبائع الأقراص المدمجة لأفلام مقرصنة والسيدتين اللتين يسعيان إلى زيارة أحد الأضرحة لرمي مياه وأسماك استعملت في الشعوذة، وأستاذة تمارس مهنتها التدريسية وزوجة تصطحب زوجها الذي تعرض لحادث سير ، إضافة إلى قريبته الطفلة التي بدورها تحمل بين يديها كاميرا تصور من خلالها بعضا مما يشهده الشارع الإيراني من ممارسات وسلوكات متناقضة.. وبين مختلف هاته الشخصايت، تدور أحاديث ثنائية يتابع السائق/المخرج تفاصيلها دون التعليق عليها أو التدخل فيها مكتفيا بالابتسامة أو الأجابة على استفسار أحدها بمنتهى اللطف والأدب واللياقة.. على غرار النقاش الذي دار بين السارق والأستاذة، بسبب موقف الأخير من إعدام السارقين/النشالين ليكونوا عبرة لمن يعتبر، قبل أن تكتشف أن الزبون بدوره سارق..
كما كان من بين شخصيات الفيلم المميزة، شخصية السيدة وصفها المخرج بسيدة الورد وهي ناشطة سياسية ممنوعة من العمل، التقاها المخرج/السائق في طريقه وأصر على إيصالها بالنظر إلى المعرفة التي تجمعها، حيث تود زيارة سجينة شابة مضربة عن الطعام بعد الحكم عليها بالسجن لمحاولتها التسلل إلى الملعب لمشاهدة مباراة رياضية على اعتبار أنه يمنع مشاهدة المباريات على الإناث.. وهو ذات الموضوع الذي سبق للمخرج جعفر بناهي أن أنجز بخصوصه فيلما روائيا طويلا تحت "أوف سايد"، والذي تطرق من خلاله لحالات مجموعة فتيات حاولن التسلل إلى داخل الملعب لمشاهدة مباراة في كرة القدم فتم حجزهن بعد اقتيادهن من قبل رجال الشرطة.. ولتصوير وتسجيل مختلف التفاصيل الممتعلقة بزبائن التاكسي/شخصيات الفيلم، فإن المخرج جعفر باناهي استعان بعدد من الكاميرات الصغيرة التي قام بتركيبها داخل السيارة لتساعده على تسجيل اللقطات من زوايا مختلفة وفي مواضع متعددة.. دون إغفال مشاهد أخرى صورت من خارج فضاء السيارة، ورصدت من خلالها بعض اللقطات التي تتابع حركة هؤلاء الشخوص خارج السيارة. اكرام زايد