امتطى حميد صهوة جواده بعدما لبس أحلى الثياب المتناغمة مع باقي ألبسة أفراد سربة قبيلة "لميمات" التابعة لجماعة قصبة الشافعي ببني مسكين والمتكونة من 15 فارس. تحركوا بخطى حوافر الأحصنة المتناسقة نحو محرك موسم خميس سيدي محمد بن رحال، حيث اجتمعت المجموعات الأخرى المنتمية للقبائل المجاورة والبعيدة، التي لبت دعوة المنظمين للمشاركة في هذا الموسم المنعقد من يوم الخميس 28 يناير 2016 الى يوم الأحد 31 من نفس الشهر. كانت الفرحة بادية على محيى حميد ذي 27 ربيعا وهو يراقب بانتباه شديد تعليمات "العلام" ،الذي يصر دائما في كل طلعة على إعطاء تعليمات صارمة لجميع الفرسان، مشددا على توخي الحيطة والحذر عند الإنطلاقة، مع التركيز على الركض المستقيم،قبل بلوغ خط النهاية وضبط استعمال البندقية بتناسق مع افراد السربة والانتباه الى كلمة السر التي يطلقها العلام ،من أجل الضغط على الزناد،حتى تكون جميع الطلقات متوازية. كل هذه النصائح التقطها حميد بحرص شديد وأخذ مكانه ضمن "السربة" التي دخلت المحرك، أمام أنظار الجمهور الذي حج يوم الأحد 31 يناير 2016 للإستمتاع بعروض الفروسية. أعطى قائد السربة أو ما يسمى ب "العلام" إشارة الإنطلاقة ،التي تبدأ عادة بسرعة خفيفة الى أن يصل الجميع الى منتصف "المحرك" وتبدأ عملية الركض السريع لبلوغ نقطة النهاية، ثم إطلاق الطلقة التي من الضروري أن تكون متناسقة ومتناغمة.
كان حميد مزهوا بطلعته البهية، وكان ذهنه وأفكاره كلها مركزة على إشارات قائده. يحسب مسافة المحرك مترا، مترا وعينه على نقطة النهاية، غير ابه بالبندقية التي بين يديه. تلاعب بها بحركات بهلوانية، سرعان ما فقد توازنه وضغط على الزناد وفوهة البندقية موجهة في الاتجاه غير الصحيح، لتنطلق حبات البارود نحو صدره، أمام ذهول رفاقه والجمهور المحيط بالمحرك، سقط الفارس أرضا مدرجا في دمائه وحصانه تابع الركض بعيدا بجانب الأحصنة الأخرى. بعد سماع الطلقة، توقف الفرسان ورجعوا أدراجهم نحو صديقهم الذي كان يترنح من شدة الألم، وثيابه بللت بدمائه. وضع الجميع ايديهم على قلوبهم، وفسحوا المجال لسيارة الوقاية المدنية للدخول الى المحرك من أجل تقديم المساعدة لحميد الذي كان يصيح من شدة الإصابة. عناصر الوقاية المدنية وبعد المعاينة الأولية، أصروا على نقل حميد الى المركز الإستشفائي الجهوي الحسن الثاني. إلا أنه لفظ أنفاسه الأخيرة قبل الوصول الى قسم المستعجلات، ليتم وضعه بمستودع الأموات لإخضاع جثتة لعملية التشريح بأمر من النيابة العامة ومعرفة الأسباب الحقيقية التي كانت وراء الوفاة. في حين فتحت عناصر الدرك الملكي التابعة لمشرع بن عبو تحقيقا في الموضوع. حسن حليم