عدسات المصورين تلاحق بنكيران. الكثير منهم تعقب الرجل لمعرفة من يكون رئيس الحكومة المغربية الذي حضر إلى «دافوس» بعد أن حصل على تأشيرة مجلس النواب لبرنامجه الحكومي، وانتقل على الفور من قبة البرلمان إلى مطار الرباطسلا ومنها إلى زوريخ السويسرية التي وصلها في زوال نفس اليوم، وهناك وجد سفير المغرب بسويسرا سعيد بنريان في انتظاره. لن يقضي بنكيران لحظات استجمام في المنتجع الواقع بين جبال الألب السويسرية، بل سيجد نفسه أثناء مشاركته في أشغال المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس رفقة كل من محمد نجيب بوليف الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة ومحمد حوراني رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أمام ثاني امتحان بعد اختبار الحصول على ثقة البرلمان وهو إقناع المستثمرين الأجانب وتبديد مخاوفهم من أن صعود حزبه المحافظ إلى الحكم لن يؤثر على استثماراتهم وعلى مناخ الأعمال. في قاعة المؤتمرات، توسط بنكيران كلا من المرشح لرئاسة مصر والأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى وحمادي الجبالي أول رئيس وزراء إسلامي لتونس وبحضور عبد المنعم عبد الفتوح مرشح الرئاسة المصرية. بدأ مداخلته صبيحة أمس بابتسامته المعهودة، وقال، حسب ما نقلت عنه وكالة فرانس بريس «نشجع المستثمرين على المجيء الى إلمغرب»، وأضاف «نحن منفتحون جدا. يمكننا ضمان مصالحكم واستثماراتكم بصورة أفضل من قبل .. مصالحنا متكاملة. نحن بحاجة الى هذه الاستثمارات ونسعى إليها». لم يتخل بنكيران عن عفويته رغم حمله لمذكرة يقيد بها ملاحظاته، ورد بعربية بها لكنة لبنانية «ليس هناك تخوف بل تخويف ممنهج من الفساد والمستفيدين منهم»، وأن «في بلداننا هيمن الفساد على الحياة منذ الاستقلال واستفاد منه كثيرون يعيشون غنى خيالي لا يوجد حتى في الغرب»، وأن «لمعالجة التشدد في مجتمعاتنا يجب إخراج المتشددين إلى الواقع وإلى الحياة، ودعوتهم إلى دخول البرلمان وإشراكهم في الحياة السياسية، ودعوتهم إلى الملتقيات مثل مؤتمر دافوس، ليغيروا نظرتهم وليس إدخالهم إلى السجون». بنكيران لم ينهِ كلمته رغم طلب مسيرة الجلسة ذلك، وتمسك باستكمال تدخله بعربية حاول فيها تقليد المشارقة، وقال بعصبية «لا تبالغوا في مواقفكم من الإسلاميين.. مثلا إن أردتهم أن نتغدى جميعا على طاولة واحدة فلا تضعوا الخمر على مائدتي، هل هذا تشدد أو تطرف؟». منتدى دافوس، الذي أحدث سنة 1971 بجنيف، يناقش خلال دورته لهذه السنة العديد من المواضيع المختلفة، من بينها «رأسمالية القرن العشرين، هل هي في طريقها إلى إنهاك مجتمع القرن ال 21؟» و«المخاطر الشاملة لسنة 2012 : بذور اللاوهم» وكذا «إصلاح الرأسمالية». بنكيران الذي يبحث عن استثمارات أجنبية لدعم تمويل برنامج حكومته، التقى بعدد من وزراء الخارجية بالمنطقة المغاربية والشرق الأوسط وأوروبا. شكوك وهاجس رفع نسبة النمو وتوفير مناصب الشغل يؤرقان أيضا الأوروبيين وعدد من دول العالم بسبب أزمة الأورو ووجود مخاوف من إفلاس يوناني وربما تخلف عمالقة أوروبيين مثل إسبانيا أو إيطاليا عن سداد الدين، فيما تجد منطقة اليورو التي تضم 17 بلدا نفسها مجددا على شفا كساد وتضخم آخر، وهو ما خيم على منتدى دافوس الذي سيسعى رئيس الحكومة العودة منه «سبعا».