بعدما استمر الغموض لأزيد من سنتين، حين توالت حوادث إطلاق النار بطنجة، دون أن يتم التوصل إلى هوية أفراد العصابة التي روعت المدينة بعملياتها الإجرامية، بعدما صار صوت الرصاص يلعلع في كل مرة بمناطق متفرقة، قبل أن تتمكن شرطة طنجة في شهر غشت المنصرم من إنهاء هذا الكابوس، لتحقق بذلك أكبر إنجاز لها خلال سنة 2015. وكانت عملية السطو المسلح باستعمال سلاح رشاش التي استهدفت سيارة لنقل الأموال يوم 13 غشت الأخير، أمام مقر وكالة بنكية بشارع مولاي رشيد، آخر محاولة ينفذها أفراد العصابة، قبل وقوعهم في قبضة مصالح الأمن بطنجة، بعدما كثفت جميع الأجهزة الأمنية مجهوداتها من أجل فك لغز هذه الجرائم التي تكررت بالمدينة في السنوات الأخيرة، حين شكل استعمال الأسلحة النارية في عمليات السطو تهديدا كبيرا لأمن البلاد، باعتبارها ظاهرة جديدة على المجتمع، ومن شأن استمرار فرار مرتكبيها، المساهمة في انتشارها باعتماد المزيد من التجارب المصدرة من الدول الأوروبية. وقد توالت حوادث إطلاق النار بطنجة، منذ سنة 2013، وكانت أول عملية يوم 31 ماي، والتي شكلت صدمة كبيرة لساكنة المدينة، حين قتل شاب أطلق عليه الرصاص بشارع مولاي رشيد قبل أن يتم الاستيلاء على سيارته، دون أن تتوصل التحقيقات إلى هوية منفذي هذا الهجوم وخلفيات هذا الحادث، ليسود الصمت إلى أن سمع إطلاق نار آخر يوم 27 نونبر من السنة نفسها 2013، بعدما أصيب أحد الأشخاص برصاصة في رجله قبل السطو على سيارته وسط المدينة. وبعدما اكتفى أفراد العصابة بتنفيذ عمليتين خلال سنة 2013، عادوا مع بداية سنة 2014، وبالضبط في شهر فبراير لارتكاب عملية سطو مسلح، استهدفت ناقلة للأموال بشارع مولاي عبد العزيز، وتمكنوا من الاستيلاء على مبلغ مالي يفوق 500 مليون سنتيم، بعدما أطلق زعيم العصابة عدة عيارات نارية من مسدسه، قبل أن يلوذ بالفرار رفقة شريكه. لكن سرعان ما تنفست مصالح الأمن بطنجة الصعداء، بعد الحادث الأخير الذي وقع في شهر غشت من سنة 2015، والذي استعمل خلاله سلاحا رشاشا، دون أن يفلح أفراد العصابة في تنفيذ مهمتهم بالسطو على محتويات ناقلة للأموال، بعدما حاولوا تكرار نفس عملية شهر فبراير لسنة 2014، قبل أن يسقط قناعهم، بعدما تم تحديد هوية المدبر الرئيسي لهذه العمليات، وتفكيك أكبر شبكة إجرامية دولية تنشط في ميدان السرقات المسلحة وترويج المخدرات، حين تم حجز أسلحة نارية مختلفة من بينها رشاش أوتوماتيكي وبندقية من نوع «برونينغ»، وضبط كميات من الذخيرة الحية ذات العيارات المختلفة، وكذا وثائق هوية مزورة وصفائح ترقيم سيارات تحمل أرقام وطنية وأخرى أجنبية مزيفة، ومعدات تستعمل في تزوير هذه الصفائح، بالإضافة إلى حجز عدة سيارات وأسلحة بيضاء وأقنعة مطاطية وأجهزة اتصال متطورة من بينها جهاز للتشويش على الاتصالات وهاتف متصل بالأقمار الاصطناعية، فضلا عن ضبط أكياس معبأة بكميات من المخدرات. وقد بلغ عدد الموقوفين ستة أشخاص، من بينهم المتهم الرئيسي الذي يحمل الجنسية البلجيكية، والذي سبق أن صدرت في حقه مذكرة بحث من قبل الأمن البلجيكي، إلى جانب شقيقه الأصغر منه سنا، وزميله وشريكه في تنفيذ عمليات السطو المسلح، والموقوف الرابع مهاجر أيضا مبحوث عنه في ملف الاتجار في المخدرات ويشتبه في تورطه في تهريب السلاح، بالإضافة إلى الشخص الذي سبق له أن ألقي عليه القبض رفقة المتهم الأول في قضية اختطاف واغتصاب ثلاث تلميذات قاصرات بطنجة خلال شهر مارس المنصرم، كما يوجد من بين الموقوفين أحد حراس النوادي الليلية بالمدينة. المعطيات الأولية للبحث الذي أشرف عليه مكتب الأبحاث القضائية بتنسيق مع باقي الأجهزة الأمنية بتعليمات من النيابة العامة المختصة، أكدت ضلوع أفراد هذه الشبكة في تنفيذ جميع حوادث السطو والقتل الأخيرة، التي وقعت بالمدينة باستعمال أسلحة نارية، كما أظهرت التحقيقات قيام العقل المدبر لهذه العمليات، الذي كان قد عاد ليقيم بطنجة خلال السنوات الأخيرة، باستغلال شركة نقل عبر حافلة تربط بين بروكسيلوطنجة من أجل تهريب قطع من السلاح نحو التراب الوطني، بعدما كان يتولى شقيقه إرسال آلات التصبين إليه، وهي تحمل في جوفها الأدوات المهربة، وقد توصل بدفعتين في الفترة الأخيرة عبر ميناء طنجة المتوسط، وفق ما كشفته الأبحاث المتواصلة، بعد إحالة الملف على قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بطنجة لتعميق البحث معهم قبل متابعتهم أمام غرفة الجنايات، وفق التهم الموجهة إليهم المتعلقة بتكوين عصابة إجرامية دولية والقتل والسطو بأسلحة نارية والتهريب. محمد كويمن