أعادت أحداث الإرهابية التي عرفتها باريز يوم 13 نونبر داعش الى الواجهة الوطنية والإقليمية والدولية وحولتها لمادة إخبارية دسمة ;وحدثا سياسيا كبيرا قيل فيه/ حوله الكثير وسكت فيه/ وحوله الكثير.ومن القضايا التي تم السكوت عنها هو هل داعش دولة بالمفهوم القانون الدولي ؟ ما هي مصادر تمويل داعش؟ ما هي مناطق نفوذ داعش؟ كم تمتلك من الجيوش؟ من أين تشتري الأسلحة وكيف تحصل عليها؟ من يشتري بترولها ونفطها؟ ما هي الابناك التي تتعامل معها ؟ما هي أهداف تنظيم داعش؟ ما علاقاتها بالقوى الغربية ؟ الخ الخ بداية نقول نسمع عن داعش الشيئ الكثير ولكن لا نعرف عنها الا القليل رغم ان داعش أصبحت موضوع الإعلام العالمي الذي يكشف كل يوم عن جديد هذا التنظيم لكن دائماً يكون هناك أسرار لا يكشف عنها. لذلك سنحاول في هذا المقال ان نوضح بعض الجوانب الغامضة حول داعش اعتمادا على عدة مصادر غربية لها علاقة بالموضوع. داعش ودلالتها: كلمة داعش هي اسم مختصر للدولة الإسلامية في العراق والشام وقد ظهرت بشكل ملفت للنظر بعد 2004 اثناء تحول عدة دول مغاربية ومشرقية لدول فاشلة واستيلاء داعش على عدة مناطق بالعراقوسوريا خصوصا بعد تولي الخليفة ابو بكر البغدادي قيادة التنظيم بعد مقتل مؤسسها الامير او عمر البغدادي. 2013 داعش دولة او تنظيم : يصف العديد من الباحثين والإعلاميين والسياسيين داعش بالدولة الإسلامية دون تحديد مفهوم الدولة إسلامية. Etat islamique هذا المفهوم الذي التي اذا ترجم الى العربية فإنها تعطي دلالة عادية دولة إسلامية أي مرجعيتها الشريعة المعتدلة وليس المرجعية الدينية المتطرفة او الدولة التي تمارس الإرهاب .وقد تمكن الإعلام الغربي ان يروج مفهوم الدولة الإسلامية بمفهومها الارهابي حتى أصبح من المسلمات وفي هذا تضليل خطير للرأي العام الدولي.ومن الناحية القانونية ينبني مفهوم الدولة حسب القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة على شروط أساسية :- سكان دائمون – ارض معترف بها ذات حدود معترف بها دوليا- حكومة وسلطات ومؤسسات- القدرة على إقامة علاقات مع غيرها من الدول المنتمية لهيئة الأممالمتحدة.ويتبين من هذه الشروط ان ما يسمى بالدولة الإسلامية مجرد لغو إعلامي له حمولات سياسية قوية صنعته المختبرات اللغوية والإعلامية والسياسية الغربية لإغراض سياسية محضة. ف "الدولة الإسلامية" كما هو مبين اعلاه لا تعتبر دولة بالمفهوم القانوني ، بل انه مجرد تنظيم متطرف ومسلح يتبنى الفكر السلفي الجهادي التكفيري ويروم إقامة الخلافة الإسلامية وتدمير نبل الدين الإسلامي قبل تدمير البشربغض النظر عن دينهم او ثقافتهم او حضارتهم . داعش ومصادر التمويل: من القضايا التي يسكت عنها الإعلام العربي والغربي والساسة الغربيين اثناء الحديث عن داعش هي مصادر تمويل داعش، وكيف تحصل عليها ؟ يؤكد العديد من الخبراء والعارفين بخبايا مصادر تمويل داعش ان النفط يمثل أكبر مصدر للدخل المستمر ل"داعش"،.وهو ما وصفته جريدة "الفايننشال تايمز" الذهب الأسود الذي يمول "دولة" العلم الأسود والتي أكدت بان داعش تصدر النفط لجل الدول الاروبية والأمريكية بل حتى لإسرائيل عبر الحدود التركية والعراقية.ويعد بيع النفط لهاته الدول المصدر الرئيسي لداعش لتمويل عملياتها الإرهابية وتسليح المتطرفين وشراء الأسلحة وإغراء الشباب من كل أنحاء العالم التي اقرت منظمة العفو الدولية مؤخرا بأن داعش تشتري الأسلحة من 25 دولة بما فيها الولاياتالمتحدة وروسيا عبر وسائل ولوبيات متعددة. داعش ومناطق النفوذ: حسب المحللين تنتشر داعش في الشمال السوري والحدود العراقية والتركية وتسعى للتوسع في الأراضي الليبية حيث بدأت داعش تفرض قوانينها ومؤسساتها ونشر إيديولوجياتها ويؤكد الكثير من الخبراء ان نفوذ تنظيم داعش يفوق مساحة بريطانيا بل ان دائرة عملياتها أصبحت تضرب كل القارات وأخرها عمليات باريز حيث أصبحنا امام داعش الاروبية. وفي نفس السياق اشارت الجريدة الألمانية Der Spiegel" انه رغم اتساع مناطق نفوذ داعش فانها تستثمر احدث تقنيات التواصل بين مكوناتها عبر أقمار صناعية أروبية وأمريكية وهو ما اعترف به الوزير الأول الفرنسي Manuel Valls لإحدى القنوات الفرنسية مؤكدا ان داعش تستعمل التقنيات الحديثة للقيام بعملياتها الإرهابية وايضا تمرير ونشر أيديولوجيتها المتطرفة مما حولها لتنظيم عابرا للحدود،و أوضح التقرير أن "البروباغندا" تعتبر من أبرز آليات التنظيم، إذ من جهة يسعى إلى إظهار نفسه على أنه الأكثر خطورة في العالم، من خلال نشر أشرطة فيديو تحتوي مضامين عنيفة على الإنترنيت، و من جهة أخرى يسعى إلى استقطاب أعضاء جدد. داعش والجيش: يظهر الداعشيون بصفات مختلفة، تارة في صورة جيش نظامي مجهز بأحدث أنواع الأسلحة والآليات الحديثة، ومرة أخرى بزيّ عصابات تقتل تدمر وفي نهاية المطاف يبقى الهدف واحد هي ارتكاب جرائم انسانية باسم الدين الإسلامي البريئ لإظهاره على أنه دين قتل وإجرام وتهجير وتدمير ووحشية .اما من ناحية عدد جيشها فليس هناك أي وثائق رسمية متفق حولها تحدد عدد جيش داعش وان كانت قدر ب 250 الفا حسب آخر تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وهو عدد يفوق جنود جيوش دول أعضاء في هيئة الأممالمتحدة . داعش الحقيقة الغامضة : :يؤكد عدد من الخبراء والمؤسسات الغربية ان داعش منتوج غربي محض ويكفي ان نبرهن على ذلك ببعض المراجع الغربية : أولها كتاب الخبير الفرنسي في شؤون الشرق الأوسط الذي اصدر كتاب شهر فبراير 2015 بعنوان : ‘فخ داعش: الدولة الإسلامية او عودة التاريخ' Le piège Daech. L'Etat islamique ou le retour de l'Histoire Pierre-Jean Luizard. La Découverte, Paris, 2015 سلط الخبير الفرنسي بيير جون لويزار في هذا الكتاب السالف الذكر الضوء على جوانب مهمة عن التنظيم المتطرف داعش الذي حوله الإعلام الغربي لظاهرة فرضت وجودها على العالم متسائلا عن مصادر تسليح وتمويل داعش وعن المسؤولين عن خلقها وعن الأهداف الجيو- سياسية التي خلقت من اجلها مستخلصا ان العالم الأوربي والأمريكي تورط في فخ يدعى داعش، .هذا التنظيم الذي ولد وترعرع بين أحضان الدول الغربية أصبح يتمرد عليها نتيجة بداية تضارب المصالح بينهم وتغيير موازين القوى بعدد من مناطق العالم مؤكدا داعش استعمار غربي جديد وقوده النعرات الدينية والعرقية والاثنية . وقد وقف الكاتب عند عامل مهم هو ان الدول الغربية هي من هيأت الظروف لظهورداعش وباقي المنظمات المتطرفة بالعراق لانها اعتقدت في الثمانينات ان القوة العسكرية التي اكتسبها النظام العراقي السابق لصدام حسين الذي صمد في حرب شرسة امام إيران من 1980 الى 1988 نهاية الحرب انها قوة بإمكانها تغيير موازين القوى بالخليج والشرق الأوسط ، لذلك بحثت الدول الغربية عن أسباب تدمير القوة العسكرية العراقية فدفعت الرئيس العراقي احتلال الكويت 1990 الذي استغلته سببا في احتلال العراق وبعده استهدفت النظام الليبي ثم النظام السوري وهي الأنظمة التي كان الغرب يصفها بالأنظمة العربية الإسلامية المارقة. وأضاف الخبير الفرنسي وبدعم غربي تحولت العراقوسوريا وليبيا معاقل لتنظيم داعش الذي بدأ ينمو تدريجيا ليعلنه ما بعد انه خطر على الانسانية وبعد ذلك تشكل تحالف دولي لمواجهة داعش في العراقوسوريا ومنذ ذلك الوقت والتنظيم يتوسع أكثر داخل العالم العربي وخارجه ويوجه ضرباته في عقر دور الغرب أكثر من ذي قبل رغم الحصار والضربات والتعاون الأمني بين كل دول العالم. داعش جزء من مخطط غربي لإعادة خريطة العالم العربي والاسلامي :اقتنع الغرب انه بعد تدمير العراق وليبيا وزعزعة النظام السوري وادخال مصر في نفق مسدود واعراق السعودية بالديون ان الوقت مناسب لإعادة تتشكيل المنطقة العربية وهذا ما ركزت عليه جريدة البايس الاسبانية في مقال مهم بعنوان "الحرب ضد الرعب" أكدت فيه ان"الحرب ضد الدولة الإسلامية، ليست عملية ضد الإرهاب كما يصفها البيت الأبيض، بل حربا جديدة إقليمية ومن دون حدود كان أوباما مضطرا لدخولها على الرغم من حالة عدم اليقين من مسار تطورها ولا يمكن التنبؤ بها".وأشارت الصحيفة إلى تنظيم "داعش" "ليس هو سبب الوضع في العراق وفي سوريا، بل إن التنظيم نفسه هو نتاج أوضاع إقليمية معيبة" تدخل في إطار مخطط غربي مفاده إعادة رسم خرائط شرق أوسط الجديد تتمتع فيه اسرائيل بالعضوية داخل الجامعة العربية وتحويلها الدولة / المركز بالشرق الاوسط.اسرائيل التي صرح قادتها ان داعش لا تمثل اي خطر عليها ولا تهدد أمنها اسرائيل رغم تواجد داعش على الحدود السورية الاسرائيلية. وانطلاقا من عدة مصادر ومراجع غربية وعربية يمثل ان تنظيم داعش خطرا استراتيجيا على العالم عموما والعالم الإسلامي والعربي، انه وسيلة تدميرية للمسلمين ولتشويه الاسلام في كل جغرافيات العالم معتمدة في ذلك اثارة الفتن الطائفية والدينية والعرقية بالعالم العربي والاسلامي وهي بيئة مثالية تنشأ فيها التيارات المتطرفة، مثل تنظيم داعش. وامام توسع نفوذ تنظيم داعش فان العالم الإسلامي والعربي مهدد للتقسيم وبالتخريب وفق ما خطط له من طرف القوى الغربية وإسرائيل وبدعم مالي وإعلامي قويين ويصعب على الباحث الاستراتيجي ان يحلل اعلان داعش لخلافة الإسلامية بمعزل عن المخططات الغربية التي انطلقت منذ القرن 18 والتي تروم تقسيم و تفتيت الدول العربية بتحويلها إلى دويلات صغيرة وممزقة على أساس طائفي و مذهبي ، مقابل دولة إسرائيل القوية والمركزية بالشرق الأوسط والخليج العربي وشمال إفريقيا. الامر الذي يفسر نشر جريدة "نيويورك تايمز" خارطة جديدة للعالم العربي ... 5 دول عربية ستتحول الى 14 دويلة … لذلك نتسائل هل سيكرر التاريخ نفسه لتفتيت العالم العربي والاسلامي- من جديد-في افق 2018 التي تتزامن على مرور بعد مائة سنة على اتفاقية سايكس بيكو، التي قسمت الدول العربية بحدودها الحالية ؟؟؟؟؟ واين هم الملوك والرؤساء العرب من هذا المخطط الجهنمي التفتيتي للعالم العربي والاسلامي والذي ما تنظيم داعش إلا احد أدواته؟
د.ميلود بلقاضي استاذ التعليم العالي بكلية اللوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية. اكدال الرباط.