مشروع القانون المتعلق بهيأة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز هو «ذكوري بامتياز في صياغته»، التي «تخاطب الذكور ولا تهتم بالنساء». إنها الملاحظة الأبرز، التي قدمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول المشروع. وذلك، في اللقاء الدراسي، الذي نظمته فرق الأغلبية بمجلس النواب، يوم الثلاثاء 15 دجنبر حول موضوع: "قراءة في مشروعي قانوني هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة: مقاربة ورهانات". وبالنسبة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، فإن مشروع القانون رقم 79.14 المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، وفضلا عن أنه «ذكوري بامتياز في صياغته»، فإنه جاء «يراعي هواجس وتحفظات وتردد المشرع»، ولا يتضمن «أي مجهود في ما يتعلق بتوضيح ماهية النص للدفاع عن حقوق المرأة»، ولم تأت «حصيلته محترمة لمجهود المجتمع المدني، الذي ساهم بأزيد من 80 مذكرة في الموضوع حين الإعداد الأولي لمشروع القانون في تفعيل لدوره الدستوري». بل إن مشروع القانون، أسقط الكثير من مقتضيات الوثيقة، التي قدمها المغرب للجنة البندقية حول الهيأة. إذ تساءل عبد الرزاق الحنوشي، مدير مكتب رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي استعرض ملاحظات المجلس، عما فعلته وزارة الحقاوي واللجنة العلمية المكلفة بصياغة مشروع القانون بالمواد، التي تم إسقاطها من المشروع. إذ أوضح أن «التقرير المقدم للجنة البندقية تضمن 164 مادة في حين أن مشروع القانون الحالي لا يتضمن إلا 20 مادة». وفي معرض تقديمه لملاحظات المجلس الوطني لمشروع القانون، شدد الحنوشي على أن مشروع القانون يعكس «نقصا في عدم تغطية الاختصاصات المهمة المنوطة بمثل هذه الهيئات المصنفة وفق الدستور ضمن الهيئات الموكل إليها حماية الحقوق والنهوض بها». وزاد موضحا :«لقد تم الأخذ بمبادئ باريس بشكل تجزيئي وليس كليا في تحديد طبيعة الاختصاصات الموكلة للهيأة». وأضاف :«مشروع القانون يعكس غيابا لتحديد المفاهيم والتعريفات في ما يهم التمييز، مثلما يعكس ضعفا في تحديد المقتضيات الحمائية في ما يهم مكافحة التمييز ضد المرأة وفق مبادئ باريس دائما، وفي مقدمتها الإحالة الذاتية، التي لا يمنحها مشروع القانون للهيأة». ملاحظات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، همت أيضا، تركيبة الهيأة. إذ شدد ممثل المجلس، عبد الرزاق الحنوشي، على أن تشكيلة الهيأة عليها أن تتأطر ب«منطق الكفاءة والخبرة وليس بمنطق التمثيلية مع ضمان استقلال أعضاء الهيأة عن الحكومة، بالنظر إلى طبيعتها من حيث إنها آلية للحماية والتظلم». ملاحظات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كما قدمها ممثله ومدير مكتب رئيسه ادريس اليزمي، تقاطعت في جلها مع الانتقادات، التي وجهت لمشروع القانون المتعلق بهيأة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز. لا سيما انتقادات المجتمع المدني، ممثلة برئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، سميرة بيكاردين، ورئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، عزيزة البقالي. وفي هذا السياق، زكت سميرة بيكاردين ملاحظات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهي تشدد على أن مشروع القانون المتعلق بهيأة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز، عليه أن يمنح إمكانيات إحداث هيأة «مستقلة وضامنة للمساواة». ودعت في هذا الباب إلى «تجويد النص ارتكازا على المقترحات المقدمة». وركزت في تدخلها على مقترحات تعديلات صاغتها الجمعية لتجاوز نواقص مشروع القانون، مشددة على مبادئ باريس كإطار مرجعي أساسي. وفي هذا السياق، قالت بضرورة وضع تصدير وديباجة لمشروع القانون يتضمن التذكير بالمقتضيات الدستورية المرتبطة بحقوق الإنسان وبحقوق النساء وبإعمال المساواة والمناصفة وحظر التمييز، والتذكير بالتزامات المغرب الدولية ذات الصلة بالحقوق الإنسانية للنساء. وأضافت سميرة بيكاردين إلى ذلك ضرورة إدراج تعريفات دقيقة تتعلق بالتمييز المباشر وغير المباشر منه، وبتكافؤ الفرص، والمناصفة والنوع الاجتماعي والمساواة. وضرورة أن تكون الهيأة تتمتع بالقوة والسلطة وذات صلاحيات حمائية وشبه قضائية وتمكينها من آليات التقرير والتتبع والمراقبة في حالات المتعلقة بانتهاك حقوق النساء وحالات التمييز ضدهن. وأكدت بيكاردين، في ما يهم تشكيلة الهيأة، على ضرورة تعيين فريق عمل دائم ومحدود ومختص في قضايا المساواة والمناصفة تتوفر فيه معايير الخبرة والكفاءة والنجاعة والاستقلالية، مع ضرورة ضمان التعددية واستحضار مبدأ المناصفة.