سيتذكر المتورطون في قضايا وفضائح البناء العشوائي في منطقة لهراويين سنة 2009 طويلا بالتأكيد، لأنها كانت الحد الفاصل قانونين وقضائيا بين سنوات طويلة من تشجيع البناء العشوائي لأسباب متعددة، ودخول السلطات على الخط للضرب بيد من حديد على المتلاعبين. في الأول من يناير من تلك السنة، حلت لجنة ضمت شكيب بنموسى وزير الداخلية آنذاك، وعبد الواحد الراضي وزير العدل، وتوفيق احجيرة وزير السكنى والتعمير، وحسني بنسليمان، الجنرال دو كور دارمي، قائد الدرك الملكي، والجنرال حميدو لعنيكري، المفتش العام للقوات المساعدة، للوقوف على حجم الفوضى التي تسببها لوبيات العشوائي في المنطقة. وعلى الفور اطلع الرأي العام الوطني على تداعليات هذه الزيارة، فقد أمر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، بإيداع 55 شخصا بسجن عكاشة، للاشتباه في تورطهم في البناء العشوائي بمنطقة الهراويين، تضم 5 أفراد من رجال السلطة المحلية من درجة قائد وخليفة واحد، و13 شخصا من أعوان السلطة، منهم 10 شيوخ، و3 مقدمين، و3 مستشارين جماعيين، و6 تقنيين بالعمالة، و9 أفراد من عناصر الدرك الملكي، و5 من القوات المساعدة، و16 مضاربا عقاريا. ثم أحيل 70 شخصا أحيلوا على قاضي التحقيق، صباح اليوم نفسه، بعدما أمر الوكيل العام للملك باستئنافية البيضاء بإحالتهم، في حالة اعتقال، من أجل الاشتباه في تورطهم في “جرائم استغلال النفوذ، والارتشاء، وإحداث تجزئات عقارية وسكنية من دون الحصول على إذن سابق، والبناء من دون رخصة، والنصب. مباشرة بعد ذلك عزلت وزارة الداخلية رئيس الجماعة القروية الهراويين، وأربعة مستشارين، وجرى التحقيق معه حول رخص البناء، التي وقعها، وتلك المتعلقة بالترخيص بإنشاء مصانع لإعداد مواد البناء، إذ أن عدد “الكلسات” المتخصصة في بيع مواد البناء وصل إلى300 مصنع، بعد أن كان العدد لا يربو عن مصنعين قبل بضع سنوات. وتحتل جماعة المجاطية المرتبة الثانية بعد جماعة الهراويين من حيث انتشار البناء العشوائي، حيث أصبحت هذه الجماعة القروية – التي تتبع إداريا لعمالة مديونة قبلة لعشرات الآلاف من المواطنين وكثافة سكانية لا مثيل لها، تحولت على إثرها الضيعات وأجود الأراضي الفلاحية إلى منازل ومستودعات عشوائية كما حدث بدواوير مرشيش والحمادات والعسكر والحلايبية وزيز وخدجة ومومنات وامزاب والهلالات وأولاد الطالب ومرس السكر وسيدي غانم، وهي الحالة التي ابتدأت منذ أكثر من عقد من الزمن. دوواير مثل مرشيش والحلايبية وامزاب ومومنات تبقى صورة مصغرة عن وضعية جماعة المجاطية من حيث البناء العشوائي، وترجع أسباب تناسل هذه الدواوير إلى عاملين مهمين أولهما يرجع إلى الهجرة القروية، ثم تشجيع الجهات المنتخبة وغيرهم بالمنطقة على تناسل مثلهذه التجمعات السكنية لضمان أصوات تلك المناطق في الاستحقاقات خصوصا في الانتخابات الجماعية والبرلمانية منذ 1977 إلى غاية 2007. وقد أظهرت التحقيقات مع المتورطين آنذاك أن أغلب المستودعات التي تم الترخيص ببنائها لم تكن تراعي لا مقتضيات التعمير ولا القوانين المنظمة لبناء المستودعات خصوصا تلك المستودعات التي تعود لجهات نافذة ولوبيات معروفة بالمنطقة باتجارها كل ما هو عشوائي. جماعة سيدي حجاج بنفس الاقليم لا تبدو أحسن حالا. فقد ترجم تذمر السكان المحليين قسطا كبيرا من الغضب الذي ظل يجتاحهم لسنوات قبل أن تدخل السلطات على الخط وتضرب بقوة على يد المتنفذين. كان أول الغيث التحقيق في عشرات المعامل والمصانع ومؤسسات الانتاج العشوائية التي ازدهرت في المنطقة كالفطر منذ سنوات. دخول كان قد تسبب في عزل رئيس الجماعة وبعض معاونيه بعد تبوث ضلوعهم في ترخيصات غير قانونية لأصحاب هذه البنايات في فبراير من العام 2009.