ألهبت المطربة المغربية أم، مساء الجمعة، حماس مهنيي الموسيقى والجمهور الذي توافد على مسرح محمد الخامس بالرباط، بأدائها لباقة موسيقية متنوعة اختارتها من ألبومها الجديدة "زرابي". واختتمت الفنانة أم الأمسية الثالثة من تظاهرة موسيقى بدون تأشيرة بتقديم أغاني "ليلة" و"مانسيت" و"أه واه" ثم "جيني" بصوتها الرخيم وأدائها الرائع، حيث سافرت بالجمهور في رحلة إلى الصحراء عبر عوالم موسيقية شيدتها بإيقاعات الكناوي والحساني والجاز وسول. وكانت المطربة المغربية قد كشفت عن ألبومها "زرابي" في العاشر من نونبر الجاري، وهو الألبوم الذي شاركت في إخراجه إلى جانب ماتيس هوغ، وتم تسجيله في الهواء الطلق تحديدا بالصحراء، إذ استلهمته من معيش النساء اللواتي يقمن بنسج الزرابي بمحاميد الغزلان، حيث تقوم صانعات تقليديات بحياكة الزرابي التقليدية انطلاقا من ملابس مستعملة، ليتم تجميع ذاكرة الأسرة الواحدة في إبداع فني متفرد. وتبقى الفنانة أم، في سعي دائم ومنتظم لاستكشاف مصادر إلهام جديدة، إذ يتميز هذا المشروع الجديد الزاخر بالإيقاعات الصوتية، بتأثيرات موسيقية مغربية وألحان ساحرة، لتؤكد بذلك مكنتها كرائدة للمشهد النسائي الفني المغربي. وتميزت هذه الأمسية أيضا بأداء فرقة "غاباشو موركونيكشن"، التي تضم موسيقيين مغاربة وفرنسيين وإسبان ويقودها المعلم حميد مومن، لمزيج موسيقي يمتح من تراث الفلامينكو والكناوي والجاز وإيقاعات إفريقيا وأمازيغية. ومن بين الفنانين الذين توالوا على خشبة المسرح، المغنية الفرنسية مايا كاماتي التي أتحفت الجمهور الحاضر بصوتها العذب وأدائها العصري لأروع أغانيها باللغة الفرنسية والتي رقص على إيقاعها الكبار والشباب وحتى الصغار. ليأتي دور المغنية السودانية الفنانة السارة وفرقتها النوبة تونز، التي أمتعت جمهور مسرح محمد الخامس، بأداء أغاني في قالب موسيقي تهمين عليها الإيقاعات الشرقية وإيقاعات شمال إفريقيا. مغاربيا، كرمت تظاهرة موسيقى بدون تأشيرة الفنان التونسي عماد أليبي، الذي قدم ألبومه الأول "سفر" الذي صدر في سنة 2014، وهو سفر موسيقي تنصهر فيه، وبانسجام رائع، العديد من الألوان الموسيقية. الجاز والشرقي والبلوز والروك وإيقاعات صوفية كلها أصناف موسيقية امتزجت في هذا الألبوم، حيث الثقافة والجغرافيا تنصهر في بوثقة موسيقية صوتية وإلكترونية متكاملة. وخلال هذه الأمسية الثالثة، تم تكريم الرايسة رقية الدمسيرية، رائدة الأغنية الأمازيغية المغربية التي بصمت مسارها الفني على مدى 40 سنة بأسلوبها وصوتها وحضورها، والتي أسهمت بقوة في تطور الأغنية الأمازيغية بسوس. وعرفت الدورة الثانية للمنتدى الدولي للموسيقى الإفريقية والشرق أوسطية، المنظمة ما بين 11 و14 نونبر الجاري، مشاركة حوالي 40 فرقة من المغرب والمغرب العربي وإفريقيا جنوب الصحراء والشرق الأوسط والكريبي ومن باقي بقاع العالم، أدت أعمالها الفنية أمام مهنيي وعشاق الموسيقى، كما شكلت مناسبة لهؤلاء الفنانين لإبراز عبر ألوان موسيقية متنوعة، الدينامية القوية التي يشهدها الإبداع الفني. وتعد تظاهرة موسيقى بدون تأشيرة، وهي حدث غير المسبوق في القارة، نافذة للهوية الموسيقية المغربية، كما أصبحت موعدا سنويا لامحيد عنه ومرجعا في مجال الموسيقى الوطنية والدولية.