كان يوم الإثنين يوم حزن في الإذاعة والتلفزة المغربية، صوت إذاعي نادر ووجه تلفزيوني من الرعيل الأول يغيبه الموت، لطيفة القاضي تغادرنا إلى دار البقاء بعد ثمانية عقود من الحياة وسنوات من الإبداع من وراء الميكرفون وأمام الكاميرا وعلى الشاشة الصغيرة . صوت ووجه تلفزيوني استطاع أن ينحت له اسما في السبعينيات وحتى منتصف الثمانينيات ضمن كوكبة من ألمع المذيعين في الراديو ومقدمي الأخبار والبرامج على شاشة التلفزة، يوم كانت مهمة التذييع والتقديم يلفها شيء من السحر، و أيضا الهيبة ، في تلك الحقبة عندما كانت الأصوات والوجوه النسائية في الإذاعة والتلفزة في حكم القلة والندرة استطاعت لطيفة القاضي أن تتقلد وسام شرف الريادة والسبق بما لها من موهبة وما راكمته من معرفة وخبرة لتتدارك ما فاتها من تعليم مدرسي عندما توقفت مسيرتها الدراسية عند قسم الشهادة الابتدائية لأسباب عائلية. فبفضل قوة العزيمة والإصرار والاجتهاد وحب المهنة تمكنت من أن توقع على مسيرة إذاعية وتلفزية ناجحة بشهادة أهل الميدان وأيضا بحب جمهور المستمعين والمشاهدين، ونقط قوتها التي استطاعت أن تنال بها هذا النجاح والحب صوتها أمام الميكرفون وحضورها أمام الكاميرا، فعندما تسمع صوتها القوي والواثق تقول مع نفسك أنه صوت لا يأتيه الشك ويجعلك تستقبل ما تقوله بصدق ممزوج بمتعة، وعشاق الإذاعة يدركون متعة الإذاعة والأصوات الإذاعية التي تسافر بهمم في دنيا الخيال والأحلام … وحضورها أمام الكاميرا ينقل لك ثقة هذه السيدة الرائعة بنفسها وإيمانها بما تقدم وهو التوقيع الذي اشتهر به الرعيل الأول من المذيعين والمذيعات ويحيل على زمن غير الزمن الحالي حيث أخذت المذيعات شكلا آخر . يوم الإثنين كان يوم حزن ولكنه في نفس الوقت يوم تذكر وعرفان بهذه الإعلامية القديرة التي استطاعت أن تنحت لها اسما وأسلوبا خاصين في الإذاعة والتلفزيون ويوم تقدير لجيل من الإعلاميين والإعلاميات الذين أسسوا ما يمكن أن نسميه بمدرسة مغربية في الإعلام السمعي البصري رغم ما يقال عنها فإنها تبقى ذات خصوصية من خصوصيات البلد وخصوصيات الساحة المغربية بكل تجلياتها والدليل على ذلك الأسماء الإذاعية والوجوه التلفزية التي استطاعت أن تتميز في الداخل وحتى الخارج في الإذاعات والقنوات الفضائية العربية سواء تعلق الأمر بالجيل السابق أو الجيل الحالي والمستقبل يعد بالكثير. أحمد ردسي