واجهات الحرب على المغرب، فيما يتعلق بقضية الصحراء، لم تعد مقتصرة على الديبلوماسية والإعلام، بل امتدت إلى الاقتصاد، حيث يواجه المغرب، في الآونة الاخيرة، حربا شرسة، أصبحت ملامحها تتضح يوما بعد يوم. الخطاب الملكي الأخير، بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، يوم الجمعة الماضي (6 نونبر)، أشار إلى هذه الحرب، حين تحدث عن ثروات الصحراء ومقاطعة المنتوجات المغربية، حيث قال إن "المغرب يرفض أي مغامرة، غير محسوبة العواقب، ستكون لها تداعيات خطيرة، أو أي اقتراح فارغ ودون جدوى، سوى محاولة نسف الدينامية الإيجابية، التي أطلقتها مبادرة الحكم الذاتي. كما سيتصدى للحملات العدائية، التي تستهدف المنتوجات الاقتصادية المغربية، بنفس روح التضحية والالتزام، التي يقدمها في المجالين السياسي والأمني، دفاعا عن وحدته ومقدساته. أما الذين يريدون مقاطعة هذه المنتوجات، فليفعلوا ذلك، رغم أنه تعامل مخالف للقانون الدولي. فعليهم أن يتحملوا مسؤولية قراراتهم. ومن حق المغرب أن يفتح الباب أمام شركائه، ودول ومقاولات عالمية، للاستفادة من فرص الاستثمار، التي ستوفرها المنطقة، بفضل المشاريع الكبرى، التي سيتم إطلاقها"، مضيفا: "وبما أننا لا نفرق بين جهات شمال المملكة وجنوبها، فإنه لا فرق لدينا بين طماطم أكادير والداخلة، وبين سردين العرائش وبوجدور، وبين فوسفاط خريبكة، وفوسفاط بوكراع، رغم أنه يمثل أقل من 2 في المائة من المخزون الوطني، كما تؤكد ذلك المعطيات المعترف بها عالميا". مصادر مطلعة أكدت لموقع "كيفاش" أن جهات أجنبية تحاول، منذ فترة، الضغط على المغرب اقتصاديا، خصوصا باستهداف ثرواته الفوسفاطية والفلاحية، بعدما عجزت عن ذلك سياسيا، مفسرة ذلك بالقول: "يعتقدون أن اقتصاد المغرب قائم فقط على الفوسفاط مثل اقتصاد الجزائر الذي يعتمد بشكل كلي على المحروقات، فيما الواقع أن مساهمة الفوسفاط في الناتج الداخلي الخام لم تتعد، في أقصى حالاتها، 6 في المائة، لذلك، ومع انهيار أسعار النفط، هناك من يسعى إلى زعزعة الاقتصاد المغربي لكسر صورة البلد المستقر سياسيا". وتضيف مصادر "كيفاش" أن استراتيجية "إنهاك المغرب اقتصاديا" جاءت بإيحاء، على الخصوص، من جهات في النرويج والدانمارك، تستفيد من تمويل حكومي تحت يافطة المجتمع المدني، إذ "هناك فيديوهات على اليوتوب توثق لهذا الأمر، حيث يتلقى الانفصاليون إرشادات وتوجيهات لتنفيذ هذه الاستراتيجية"، بل إن الأمر يصل إلى مستوى "الكوتشينغ"، تؤكد مصادر "كيفاش". ويركز خصوم المغرب، حسب المصادر ذاتها، على ترويج أفكار خاطئة، منها أن "المغرب يعيش بخيرات الصحراء"، وأن "الفوسفاط المغربي مصدره الأقاليم الصحراوية (فوسبوكراع) في أغلبه، ومنتوجاته الفلاحية أيضا. غير أن الواقع، وباعتراف مؤسسات دولية، يؤكد أن إنتاج فوسفاط بوكراع لا يشكل غير 1.6 في المائة من إجمالي الإنتاج، فيما المنتوجات الفلاحية القادمة من الجنوب، هي الاخرى، لا تشكل غير نسبة قليلة من صادرات المغرب"، تؤكد المصادر ذاتها. استراتيجية "الحرب الاقتصادية"، التي يشنها خصوم المغرب، وتقوت وتيرتها، حسب ما شرحت مصادر موثوقة لموقع "كيفاش"، تعتمد على التأثير على الشركات التي تتعامل مع المغرب، بحثا عن "إضعافه اقتصاديا". ويوجد المكتب الشريف للفوسفاط في واجهة هذه الحرب، حيث أكدت مصادر "كيفاش" أن "المكتب مستهدف"، خصوصا أن توفر المغرب على أكبر احتياطي فوسفاط في العالم من هذه المادة يقض مضجع دول أخرى، لذلك يواجه اتهامات بأنه يعتمد على فوسفاط بوكراع، رغم أن الأمر غير صحيح. "الثروة من هنا وتستثمر هنا مع الزيادة"، يقول مصدر مطلع، محيلا إلى خطاب ملكي سابق أكد أن ما يصرف في الأقاليم الصحراوية يضاعف سبع مرات ما تنتجه هذه المنطقة. وأكدت مصادر "كيفاش" أن "ما لا يعرفه الكثيرون هو أن شركة فوسبوكراع شركة مستقلة يملكها المكتب الشريف للفوسفاط بعدما كان مساهما فيها فقط إلى جانب إسبانيا، والمكتب لم يحقق أرباحا من فوسفاط بوكراع إلا ابتداء من عام 2008 بعد سنوات من الاستثمار"، مؤكدة: "الأرباح تبقى في الصحراء، وحتى في سياسة التشغيل في فوسبوكراع أكبر نسبة من اليد العاملة والأطر (2150) من أبناء الأقاليم الجنوبية، بمن فيهم المدير العام، إلا في التخصصات غير المتوفرة، إضافة إلى عشرات مناصب الشغل غير المباشرة". وينوي المكتب الشريف للفوسفاط النزول بثقله الاقتصادي في صد "الهجمات الاقتصادية" التي يتعرض لها المغرب، من خلال مشروع معمل فوسبوكراع الذي سيمكن من معالجة الفوسفاط عوض تصديره خاما، وإنشاء ميناء للتصدير في منطقة المرسى، إضافة إلى خلق مؤسسات تعليمية، وعدد كبير من مناصب الشغل، ومشاريع أخرى، ستساهم في إحداث نقلة نوعية في المنطقة. متابعة عن موقع "كيفاش"