أكد مدير المكتب الاتحادي السويسري للطاقة ، والتر ستيمان الخميس بالدار البيضاء أن تعزيز علاقات الشراكة بين الفاعلين الاقتصاديين بسويسرا والمغرب يشكل أرضية محفزة للدفع بعلاقات التعاون الثنائي خاصة في المجال الطاقي. وأضاف استيمان، في كلمة خلال لقاء نظمته غرفة التجارة السويسرية بالمغرب ، استعرض فيها استراتيجية بلاده في المجال الطاقي وتجربتها في ميدان التكنولوجيات النظيفة، أن بلاده تحدوها رغبة أكيدة لمواكبة التطور الذي يشهده المغرب في المجال الطاقي، منوها إلى أن المملكة استطاعت أن تقطع خطوات هامة على مستوى تشجيع استخدام الطاقات المتجددة، وإرساء النجاعة الطاقية. وبخصوص تجربة بلاده في ميدان الطاقات المتجددة، أبرز أن سويسرا بصدد بلورة استراتيجية طاقية جديدة تمتد إلى غاية 2050، وترمي إلى التخلي تدريجيا عن استخدام الطاقة النووية وتعويضها بطاقات بديلة نظيفة، والتقليل من استهلاك الوقود الأحفوري عن طريق تحسين كفاءة الطاقة وتطوير مصادر الطاقة المتجددة. وأضاف في هذا الإطار أن هذه الإستراتيجية، التي شرع في التفكير فيها منذ 2011 ، سيتم تنزيلها عبر مرحلتين، حيث سيتم في المرحلة الأولى العمل على الرفع بنسبة 25 في المائة من الميزانية المخصصة لصناديق البحث في المجال الطاقي، وتنزيل الحزمة الأولى من التشريعات القانونية المتعلقة بالاستهلاك الطاقي واستخدام الطاقات النظيفة، وتطوير شبكات كهربائية ذكية، مع الرفع من قيمة التمويلات الموجهة لدعم الطاقات المتجددة، فيما سيتم في المرحلة الثانية، التي ستنطلق ابتداء من 2021، تطوير النجاعة الطاقية، والتقليص من الاستهلاك الطاقي، والرفع من معدلات استعمال الطاقات المتجددة، وتعزيز موقع سويسرا في الأسواق الدولية. وأشار إلى أن التدابير المتضمنة في هذا المخطط، الذي يتوخى التقليص من الاستهلاك الطاقي في أفق 2050 بنسبة 54 في المائة، ستهم على الخصوص قطاعات البناء والصناعة والخدمات والنقل والأجهزة الكهربائية والممونين الطاقيين. وأكد المسؤول السويسري أن قطاع التكنولوجيات النظيفة يعتبر قطاعا واعدا، ويعرف نموا متصاعدا على الصعيد العالمي يتوقع أن يتراوح ما بين 3 و 12 في المائة في أفق 2020، مشيرا إلى أن هذا القطاع أسهم سنة 2013 ب8 في المائة من الناتج الداخلي الخام بسويسرا، ويوظف 13 في المائة من اليد العاملة. ومن جهته اعتبر رئيس غرفة التجارة السويسرية سامي زيرلي، خلال افتتاح أشغال هذا اللقاء المنظم حول "التكنولوجيات النظيفة والانتقال الطاقي"، أن مواجهة البلدين معا لتحديات كبرى في المجال الطاقي، تفرض عليهما الدخول في شراكة قوية لتأمين مرحلة الانتقال الطاقي، والبحث عن وسائل مبتكرة للتزود الذكي بالطاقة دون إعاقة النمو الاقتصادي. وأبرز أن المغرب استطاع، وخلال فترة وجيزة، بلورة مخطط هام للانتقال الطاقي يروم بشكل أساسي النهوض باستعمال الطاقات المتجددة والبحث عن مصادر طاقية بديلة، معربا عن استعداد بلاده لكي تضع خبراتها ومهاراتها رهن إشارة الفاعلين المغاربة في المجال الطاقي من القطاعين العام والخاص. وتابع أن هذا اللقاء يروم فتح قنوات للتواصل بين المستثمرين المغاربة والسويسريين في مجال الطاقات المتجددة والتكنولوجيات النظيفة، بغرض دراسة الحلول التي يمكن للجانب السويسري أن يقدمها للمغرب، لا سيما ما يرتبط بالاستخدام الناجع والعقلاني للموارد الطاقية، أخذا في الاعتبار التجربة التي راكمها السويسريون في ما يخص تقديم حلول جديدة ومبتكرة في هذا المجال. وفي ما يتعلق بالتجربة المغربية، أوضحت الكاتبة العامة للوكالة الوطنية لتنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية السيدة سونيا مزور أن المغرب، عمل منذ 2009 على بلورة مخططات للنجاعة الطاقية تهم عددا من القطاعات الاقتصادية الأساسية، من قبيل النقل والصناعة والبناء، وهي القطاعات الأكثر استهلاكا للطاقة. وبعد أن استعرضت جملة من الأرقام الخاصة بالاستهلاك الطاقي في المغرب بحسب الأفراد والقطاعات، نوهت إلى أن المغرب استطاع أن يبلور مخططا للنجاعة الطاقية يقوم على سبعة محاور أساسية. وأوضحت أن هذه المحاور تشمل جعل النجاعة الطاقية قاعدة لتعزيز تنافسية المغرب وتحقيق التنمية الاجتماعية، وإلزام الاستثمارات الجديدة بإدماج المقاربة الطاقية واحترام مبدأ النجاعة الطاقية في أنشطتها، والعمل على الحد من الممارسات المنافية لهذا المبدأ، إلى جانب اعتبار النجاعة الطاقية معيارا للحصول على الدعم المالي. كما تتضمن هذه المحاور تحويل النجاعة الطاقية إلى قطاع منظم ومهني، والتحسيس بأهمية النجاعة الطاقية وجعلها في صلب اهتمامات المواطنين، فضلا عن ضمان الموارد والوسائل الضرورية لتنمية القطاع. وأبرزت أن مناقشة موضوع الانتقال الطاقي مع فاعلين ومسؤولين سويسريين سيمكن من تقوية روابط التعاون في المجال، لاسيما في الميادين المرتبطة بالتخزين والتنمية المتجددة وتصنيف المنتجات الصناعية والنجاعة الطاقية خصوصا في مجال النقل الذي تعتبر سويسرا من البلدان الرائدة فيه. ويأتي عقد هذا اللقاء، الذي عرف تنظيم لقاءات عمل ثنائية بين ممثلي عدد من المقاولات السويسرية ومستثمرين مغاربة لبحث فرص التعاون بينهما، في إطار زيارة العمل التي يقوم بها والتر ستيمان للمغرب رفقة ممثلي 18 مقاولة سويسرية تعمل في المجال الطاقي.