الرباط 14 أكتوبر 2015/ ومع/ سطع نجم عبد الحكيم بنشماش، الرئيس الجديد لمجلس المستشارين، في الساحة الاعلامية والسياسية عبر مداخلاته ومرافعاته القوية بمجلس المستشارين الذي ظلت صورته، منذ عودة العمل بالثنائية البرلمانية، متوارية خلف مجلس النواب. وكان لبنشماش، الى جانب شخصيات سياسية ونقابية أخرى، دور بارز في تعزيز حضور مجلس المستشارين في الساحة السياسية والاعلامية بفضل أدائهم وعملهم المتميز، مما خلق نوعا من التوازن مع الغرفة الاولى، وبدد بالتالي تلك الصورة الباهتة التي طبعت أداء المجلس في المراحل السابقة. بنشماش، القادم جغرافيا من أعماق الريف وسياسيا من أقصى اليسار، جذب اهتمام المتابعين والرأي العام بملامحه الصارمة وبفصاحة لسانه وإتقانه لفن الخطابة السياسية، ولكن أيضا بشراسته في أداء دور المعارضة، معارضة حكومة الوزير الاول السابق عباس الفاسي، حينما أعلن آنذاك حزبه، الاصالة والمعاصرة، الخروج الى المعارضة، أو معارضة الحكومة الحالية التي يقودها عبد الاله ابن كيران. مداخلات بنشماش، الذي ترأس فريق حزبه بمجلس المستشارين منذ 2009، بعدما انتخب بهذا المجلس عن فئة المنتخبين المحليين، وبعدما تمكن من الظفر برئاسة مقاطعة يعقوب المنصور بالرباط، حملت نفسا سياسيا نقديا مطبوعا بمعارضة قوية، وخاصة سجالاته السياسية مع أعضاء الحكومة في مجمل قضايا تدبير الشأن العام وتنفيذ السياسات العمومية. وشكلت جلسات الاسئلة الشفوية الاسبوعية أو الجلسات الشهرية التي يجيب فيها رئيس الحكومة عن الأسئلة المخصصة للسياسة العامة، والتي تنقل مباشرة على أمواج الاذاعة والتلفزة، محطات أساسية بالنسبة لبنشماش لترجمة منظوره للمعارضة وممارسة الرقابة على الحكومة في القضايا التي تهم المواطنين أو ذات الارتباط الوثيق بأحداث الساعة. دخل في سجالات مع أكثر من وزير في قضايا مختلفة وكذلك مع رئيس الحكومة السيد عبد الاله ابن كيران، التي اتسمت في بعض المحطات بالحدة، وأحيانا أخرى بالنقاش السياسي الهادئ وتبادل عبارات الود. المسار السياسي لبنشماش فيه كثير من المنعطفات، فمن مرحلة الشبيبة الاتحادية والعمل الطلابي في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب مرورا بدهاليز العمل السري في أقصى اليسار الى الانخراط في العمل المدني والجمعوي، وخاصة بعد زلزال الحسيمة، ثم تجربة الانصاف والمصالحة وصولا الى حركة لكل الديمقراطيين ثم الاصالة والمعاصرة. مسار سياسي غني توج في هذه المرحلة بترؤسه لمجلس المستشارين، في صيغته الجديدة وفق دستور 2011، وذلك خلفا لمحمد الشيخ بيد الله. فوز تحقق بعد تقدمه، في إطار الدور الثاني من عملية انتخاب رئيس للمجلس، بفارق صوت واحد فقط، إذ حصل على 58 صوتا، مقابل 57 صوتا لمنافسه عبد الصمد قيوح عن حزب الاستقلال. وحاول بنشماش، في كلمة ألقاها أمام المجلس بعيد انتخابه، تبديد أي تخوف قد يساور مكونات المجلس بشأن تدبيره لهذه المؤسسة، بالإعلان عن "التزامه الأخلاقي" لإذكاء وترسيخ قيم التعاون والشراكة مع الجميع، وتمجيد روح العمل الجماعي والبحث عن أفضل السبل لإدماج كل التعبيرات والكفاءات والطاقات لجعل المجلس مؤسسة دستورية تعكس انشغالات الواقع المغربي. كما أكد الرئيس الجديد لمجلس المستشارين أنه سيعمل جاهدا على ترسيخ قواعد التعاون والتكامل بشكل بناء مع الحكومة على قاعدة مبدأ فصل السلط، ومع مجلس النواب وباقي الهيئات والمؤسسات الدستورية، مشيرا إلى أنه سيأخذ على عاتقه "تكريس ثقافة الشراكة والتوافق الايجابي ليظل الوطن فوق الجميع. وسجل أن المجلس سيعمل، بشكل مشترك، على تطوير أسلوب الديبلوماسية البرلمانية والتركيز بشكل كبير على هذه الواجهة لجعل مختلف المحافل الإقليمية والقارية والدولية واجهة نضالية للدفاع عن الوحدة الترابية للبلاد ولقوة البناء الوطني. وإذا كان بنشماش توفق الى حد بعيد في مهامه على رأس فريق الاصالة والمعاصرة وأسهم من موقع المعارضة في تسليط الضوء على مجلس المستشارين وإخراجه من الظل، فإن المرحلة المقبلة ستكون اختبارا حقيقيا لمدى قدرته على الوفاء بتعهداته من موقعه الجديد بهدف تعزيز حضور مجلس المستشارين في المشهد المؤسساتي للبلاد.