فجأة سوف يكتشف سياسيونا السويد! لكن للأسف، لن نكتشف معهم السعادة السويدية التي تقفز من عيون الجميلات السكندنافيات. لن نكتشف الوجوه الفاتنة التي تغري المسافرين العابرين بطلب اللجوء السياسي، والتنكر لجنسياتهم طمعا في الحصول على وثائق الإقامة. لن نتمكن من اكتشاف سر بشرتهن الناصعة البيضاء النقية. لن نكتشف الرفاهية الاجتماعية وكل الأشياء الجميلة التي يعيشها السويديون... فقط سنكتشف فجأة، الموقف القاسي لمملكة السويد من جزء من ترابنا، سنكتشف أن السويد تعتبرنا محتلا للصحراء المغربية، سنكتشف أن ثالث أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي لا ترى فينا سوى قطاع طريق، يسطون على ثروات وخيرات الصحراء. هل هذه هي صورتنا الحقيقية؟ لماذا ترى هذه العيون الجميلة كل هذا الكم من البشاعة فينا؟ المشكلة السكندينافية نبهنا إليها في هذا الركن أكثر من مرة، لقد ظلت ديبلوماسيتنا غائبة عن التحرك بفعالية في هذه الدول، لعل أكبر مثال على ذلك هو تنبيهنا سنة 2013 إلى صدور كتاب بالسويد تحت عنوان «أراضي هادئة: تقرير عن الصحراء الغربية» لصحابيه فريديريك لاورين ولارس شميدت يروج لأكاذيب نهب ثروات الصحراء والذي تم التقديم له في الصحافة السويدية تحت عنوان «أسماك السردين المسروقة». لا شيء تحرك للتصدي لهذه الأطروحة. لكن أشياء كثيرة وقعت هذه السنة فقط، تتضمن كثيرا من الإشارات عن القرار السويدي اتجاه الصحراء المغربية، في الوقت الذي كان فيه ديبلوماسيونا وسياسيونا يغطون في نوم عميق. لنسرد هذه التفاصيل: – في فبراير 2015، جددت وزيرة الشؤون الخارجية مارغو وولستروم معارضتها لاستغلال المغرب للموارد الطبيعية للصحراء الغربية، وقالت في مداخلة أمام البرلمان السويدي إن موقف بلادها «يتماشى مع القانون الدولي، ويرتكز على الرأي الذي أبداه في يناير 2012 المستشار الأممي هانس كوريل، (وهو بالمناسبة من جنسية سويدية)، الذي كان قد أكد بأن استغلال الموارد الطبيعية للصحراء الغربية، يجب أن يكون لفائدة الشعب الصحراوي و يتماشى مع مصالحه و تطلعاته». وفي المداخلة نفسها أكدت وزيرة الخارجية السويدية أن «هذا المبدأ هو الذي جعل السويد تصوت ضد اتفاق الشراكة في قطاع الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في سنتي 2006 و 2013». – في يونيو 2015 عينت الخارجية السويدية فريديك فلورين سفيرا مكلفا ب«دراسة سياسة السويد بشأن الصحراء الغربية»، وقام السفير آنذاك بزيارة إلى الجزائر ومخيمات تندوف لجمع المعطيات في انتظار بلورة تصور نهائي للحكومة السويدية بخصوص سياستها الخارجة تجاه الصحراء. المسؤول نفسه أثنى على موقف الجزائر من قضية الصحراء وهو موقف يروج لأطروحة البوليساريو الانفصالية، وأشار إلى أن بلاده (السويد): «لها مواقف متقدمة من دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير». – في يوليوز 2015، كشفت كاتبة الدولة في الخارجية السويدية «أنيكا سودر» أن بلادها «تدرس خطوات هامة ستساهم في الإسراع في حل النزاع وتحرير الصحراء الغربية». المصيبة الكبرى أن كاتبة الدولة ذاتها شبهت قضية الصحراء بقضية فلسطين، دون أن يثير ذلك انتباه أي مسؤول مغربي، إذ قالت في ندوة حول الثروات الطبيعية في الصحراء إن «الدراسة التي تجريها الحكومة السويدية ستكون مشابهة لحالة فلسطين التي تقرر في النهاية الاعتراف بها كدولة»!!! وبشرت كاتبة الدولة السويدية الانفصاليين بأن «انتخاب السويد لعضوية مجلس الأمن سيكون له تأثير في الدفع باتجاه هذا الحل». – في غشت 2015 لم يعد الأمر يتعلق بمجرد تصريحات، بعدما خرج رئيس الحكومة السويدية بنفسه ستيفن لوفين ليؤكد أن بلاده بصدد «دراسة معمقة لتحديد السبل الواجب اتخاذها للإسراع في إيجاد حل سلمي ودائم لنزاع الصحراء الغربية»، وقد أكد رئيس الحكومة في مؤتمر الشبيبة الاشتراكية السويدية على موقف بلاده «الداعم لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره بكل حرية». إذن على امتداد كافة شهور السنة وأيامها، كانت الحكومة السويدية تعد لمشروع قرار تعرضه على مجلس الأمن على شاكلة المقترح الخاص بفلسطين، في الوقت الذي يؤكد الواقع أن هناك بونا شاسعا بين القضية الفلسطينية والوهم الانفصالي المدعوم من طرف الجزائر. لن نطرح السؤال: أين كانت ديبلوماسيتنا طوال هذا الوقت؟ إذ لا يجب أن نخصص ما تبقى من الزمن -قبل عرض المشروع- لقضم أظافرنا والندم على ما فاتنا.. المطلوب هو تحريك كل ديبلوماسيتنا في اتجاه جذب انتباه الرأي العام السويدي المؤثر في حكومته أحزابا ونقابات إعلاما ومنظمات غير حكومية ومجتمع مدني وفاعلين سياسييين واقتصاديين واجتماعيين، وهو عمل يجب أن يستمر مادام أنه سيبدأ متأخرا، حتى لا نقول أنه وصل للمحطة بعد فوات الأوان، وتنطبق علينا العبارة التنبيهية المدونة على تذاكر الحافلات والتي يحفظها المغاربة عن ظهر قلب «من لم يحضر وقت السفر لا تقبل منه شكاية». وحتى لا نفاجأ غدا بمواقف باقي الدول السكندنافية، على عملنا الديبلوماسي ألا يقتصر فقط على السويد لأن البرلمان الدنماركي بدوره اعتمد نصا معاديا للمغرب حول استغلال ثروات الصحراء. طبعا هذه الدول لم تجد من يخبرها بالدليل والحجة كم يصرف المغرب على صحرائه مقابل ما يجنيه لذلك تصدر مواقفها بهذا العمى الحالك. محمد أبويهدة