بحسرة كبيرة ودع العشرات من رجال الشرطة زميلهم الذي اختطفته يد الأقدار في حادثة سير مفجعة، لم تخطر لأحدهم على بال، ولم يضعها في الحسبان أحد ممن تبادلوا أطراف الحديث مع الشرطي بدرجة «مقدم ممتاز» المسمى قيد حياته «عبد الله بغداد» في آخر لحظات حياته، قبل أن يكون الفراق/الفاجعة. حسرة على فراق اضطراري أفقد بوابة الأمن الاقليمي، أحد رجالها الذين طبعوا عملهم بكثير من التفاني، وحسن الاستقبال. بعد زوال يوم الجمعة الماضي، 16 دجنبر 2011، كان المحفل رهيبا عندما سار في جنازة الضحية عبد الله العشرات من رجال الشرطة من مختلف الرتب لتوديع «باعبدالله» إلى مثواه الأخير. بعد أن كان يسأل الوالج ل “الدارالحمرا” عن وجهته، يرشد من قصد المنطقة الأمنية لأول مرة إلى مبتغاه، ويكتفي بالترحيب بمن يدرك مساره ولا يحتاج لتوجيه ليودعه قائلا: «تفضل مرحبا بيك». عبارة كان الفقيد «عبد الله بغداد» يستقبل بها الوافدين. وقد كان لنا نحن معشر الصحافيين الكثير من اللقاءات مع “با عبدالله”، لأنه كان يعتز بالحديث إلى العاملين في مهنة المتاعب، الذين يشيع بدعاء الأب لأبنائه بالتوفيق، عند زيارة مصالح هذه المنطقة الأمنية، خاصة مصلحة الضابطة القضائية من أجل استيقاء معطيات بعض العمليات التي تنفذها عناصرها. أنهى الضحية عمله زوال الخميس الماضي في حدود الساعة الرابعة بعد الزوال ليغادر مقر المنطقة الأمنية الحي الحسني على متن دراجة نارية رفقة صديقه، وبالقرب من الثانوية التأهيلية ابن الهيثم صطدمت إحدى السيارات الدراجة لتردي الشرطي، وتصيب صديقه بكسور خطيرة. حادثة سير أليمة، سببها التهور، والسرعة المفرطة وسط أزقة وشوارع حي شعبي، طالما عجت بحركة كثيفة. غير أن رعونة بعض السائقين تأبى إلا أن تدوس على المحركات بقوة لتدور العجلات بسرعة متسببة في مآس اجتماعية، آخرها حادثة السير التي أزهقت روح الشرطي «عبد الله»، الذي كان متوجها إلى منزله، بعد يوم عمل قضاه مستأنسا بالحديث إلى زملائه في العمل، مستعرضا معهم الآمال والأماني، كدأبه دائما هو رب الأسرة الطيب المعشر.