عرفت بعض المدن المغربية احتجاجات على ما تسرب من أخبار حول تحالفات حزبية من أجل رئاسة المجالس الجماعية. احتجاجات المواطنين تلك تعيب عودة شخصيات اعتبروها نالت نصيبا من العقاب في صناديق الاقتراع يوم الرابع من شتنبر، لكنها تحاول، من خلال عمليات تقنية تتيحها التحالفات، العودة إلى منصبها في الرئاسة. هذه الوضعية نلقاها في جماعات لم يحصل فيها أي حزب على الأغلبية المطلقة تسمح له بتشكيل مكتب الجماعة دونما حاجة إلى أصوات الأحزاب الأخرى. القانون لا يمنع هذا الأمر، كما أنه من الناحية التقنية لاشيء يعيب تشكيل مثل هاته التحالفات التي كانت محط الاحتجاجات المذكورة، فالعملية الانتخابية تتيح ذلك لأنها مرتبطة أساسا بالحصول على أصوات تخول بلوغ المنصب. وبالنظر الى النتائج التي أفرزتها الصناديق في بعض الجماعات، فإن العملية الديموقراطية تسمح لكل ناجح ان يترشح لمنصب الرئاسة حتى لو كانت لائحته لم تحصل على مقاعد كثيرة. غير انه من الناحية الأخلاقية، ألا ينبغي احترام رغبة الناخبين في التغيير خصوصا لما تبين الصناديق نية معاقبة رئيس سابق لم يرغب معظم سكان جماعته في إعادته للرئاسة رغم مروره من الإمتحان بميزة مقبول بلغة الشهادات التعليمية؟ قد يجد هذا السؤال أجوبة مختلفة، غير أن منطق الرغبة في تطوير العملية الديموقراطية يقتضي أن تكون الأحزاب السياسية في مستوى تتطلعات المواطنين، الناخبين منهم على الخصوص، وتعمل على الإنتباه إلى أن العمليات الحسابية أحيانا قد تسير وفق توجه ينفر الناس من الإنتخابات... لا نرغب في هذه الورقة طرح إشكالية نمط الإقتراع لأن ذلك يتطلب وقفة أكبر من حجم الركن، غير أن السياسة كما تمارس في البلدان التي سارت مسافة أكبر في الممارسة الديموقراطية، سنت مجموعة من الأعراف على رأسها أن احترام رغبة الناخب، واعتبار هذه الرغبة فوق كل الحسابات. لقد مرت انتخابات رابع شتنبر في جو متقدم عما كانت تمارس به في سابق الإستحقاقات، وذلك من خلال تطور سلوك الناخب أولا ومن خلال تناقص التلاعب والفساد. غير أن هذا السلوك الذي أبداه الناخب يتطلب سلوكا متقدما من طرف الأحزاب السياسية احتراما لروح الديموقراطية التي تقوم على حرية الإختيار وعلى التداول وقبول النتائج مهما كانت. الأحزاب السياسية مطالبة اليوم بوضع ميثاق أخلاقي يعزز القوانين ويشجع الممارسة الديموقراطية ويعطي الأمل للمواطنين في أن التجربة تسير نحو الأمام. غير ذلك قد نكون، بوعي أو بغير وعي، أمام تطبيق المثل المغربي القائل «ما حرثه الجمل دكه»...