ترفض بعض النساء الاعتراف بتقدمهن في السن، فيحرصن على إخفاء أعمارهن الحقيقة والتمرد على حكم الزمن من خلال الاهتمام بمظهرهن بشكل ملفت وارتداء الملابس الشبابية. في الحوار التالي يتطرق الدكتور محسن بنيشو إلى الأسباب النفسية التي تجعل بعض النساء يرفضن الاعتراف بسنهن الحقيقي، ويتبعن نمط لباس شبابي، ويتحدث عن أهمية المظهر الخارجي في حياة المرأة. ما هي الأسباب وراء رفض بعض النساء في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث أو ما يعرف ب«سن اليأس» الاعتراف بعمرهن الحقيقي؟ كلمة سن اليأس يجب اجتنابها، لأن اليأس لا يحدد بالسن، فقد يكون المرء طفلا وهو يائس، وذلك بسبب الكثير من المشاكل النفسية، وبينما قد تكون المرأة مسنة لكنها تتمتع بصحة نفسية هائلة. ولذلك فمن الناحية العلمية يجب أن نتجنب نهائيا مصطلح «سن اليأس»، لأن هذا النعث هو الذي يمكن أن يكون سببا في يأسها. وللأسف مازال هذا النعث واللقب الخاطئ يستعمل من طرف العديد من الأطباء بالإضافة إلى وسائل الإعلام. ويجب التأكيد على أن العديد من النساء في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث يعشن حياة طبيعية وتكون أغلبهن بصحة نفسية جيدة للغاية مع اهتمام كامل بالذات وبالحياة الزوجية والعلاقة الجنسية، وهذا هو المبتغى، لأن المرأة المغربية والعربية عموما تعيش العكس، وذلك ناتج عن اعتقادات خاطئة دون أن ننسى عاملي الخجل والحياء الزائد، بالإضافة إلى المشاكل الاجتماعية والنفسية والمادية والزوجية كذلك، وهاته الأمور هي التي تكون سببا في اكتئاب المرأة وليس انقطاع دم الحيض أو تقدمها في السن. ومن طبيعة الإنسان سواء كان رجلا أو امرأة عدم الإدلاء بعمره الحقيقي، فكلما كنت صغيرا كلما عبرت عن عمرك، وهذا ما نلاحظه عند المراهقين بحيث يزيدون في أعمارهم ويدعون الكبر، أما بعد سن الخمسين فينعكس الوضع بحيث لا أحد يود الإدلاء بعمره، فلو أخذنا المواقع الاجتماعية كمثال فسنجد أن كل الفتيات الصغيرات المنخرطات بهاته المواقع يدلين بأعمارهن الحقيقية، أما بالنسبة للمسنات فنلاحظ أنهن لا يدلين بأعمارهن في البيانات الخاصة بتلك المواقع أو يحرصن على إخفائها بالشكل الذي لا يمكن أحدا من معرفة عمرهن إلا بإرادتهن. ولهذا يبقى من الاحترام عدم استفسار امرأة عن سنها كي لا تشعر هاته المرأة بالإحراج. كيف يمكن تفسير اتباع هاته الفئة من النساء لنمط اللباس الخاص بالفتيات في مرحلة الشباب بالرغم من الانتقادات التي قد يتعرضن لها من طرف الناس داخل المجتمع؟ كما نلاحظ فإن الكثير من النساء المتقدمات بالسن يحرصن على اختيار ملابس شبابية، وذلك رغبة منهن في إظهار جمالهن. والمعروف أن المرأة بطبعها تحب أن تبدو جميلة وشابة، لذا فإن جل النساء يحرصن على استعمال صبغات الشعر، لأن خصلات الشعر الأبيض على وجه الخصوص تدل على أنهن بدأن يتقدمن في السن. واختيار المرأة للملابس الشبابية ليس عيبا أو أمرا خاطئا، بل على العكس كلما كانت المرأة جميلة وتهتم بأناقتها وشعرها وجسدها انعكس ذلك بشكل إيجابي على كل النواحي في حياتها خاصة النفسية والجنسية. مع العلم أن أول ما نلاحظه في الطب النفسي هو الشكل الخارجي للإنسان، أي مظهره سواء تعلق الأمر بطريقة لباسه أو شعره، فكل هاته الأمر تعتبر دلالات على التوازن والاستقرار النفسي سواء بالنسبة للرجل أو المرأة. ولا يليق لأي منهما الظهور بشكل غير نظيف أو ملابس غير متناسقة الألوان. ونلاحظ أيضا داخل كل المجتمعات أن أكبر الشركات المتخصصة في الدعاية لمستحضرات التجميل أو الأزياء على وجه الخصوص تعتمد بشكل كبير على المظهر الخارجي لكل من المرأة والرجل. إلى أي حد تؤثر انتقادات الآخرين على نفسيتهن، وكيف يجب عليهن التعامل معها؟ كما أشرت في البداية فالأناقة تبقى أمرا ضروريا ومطلوبا سواء بالنسبة للصغار أو الكبار، وعلى الخصوص بالنسبة للمرأة، وليس عيبا أو خطأ أن ترتدي المرأة المسنة ملابس الشابات لكن العيب هو أن تهمل مظهرها وأناقتها، وهذا ما جعلني أقوم بدراسة حول جمال المرأة، بناءا على مقارنة بين المرأة المغربية والمرأة الغربية، بحيث ظهر من خلال هاته المقارنة أن المرأة الغربية في سن الخمسين عاما فما فوق تبدو وكأنها المرأة المغربية في سن الثلاثين. لذلك فإن المرأة اليوم مطالبة بتغيير أفكارها والاهتمام بجمالها وأناقتها، لأن هذا التوجه يكون له انعكاسات ونتائج إيجابية على العلاقة الزوجية والجنسية والأسرية، كما يجعل تأثير المرأة إيجايا في حياة أبنائها، ويجب عليها عدم التأثر بآراء الآخرين، كما ينبغي أيضا على الناس أن يشجعوا هذا النموذج وليس العكس، وأن يحترموا الآخر وحريته ولا يتدخلوا في اختياراته. اختصاصي في الأمراض النفسية والعصبية