قال لي "أنت صديقي منذ سنوات، وأعرف أنك ستصوت لي". ابتسمت في وجهه، ، وأنا الذي لم أعرفه له اهتماما بالأحزاب إلا في هاته الانتخابات، وداريت حرجي بكلمات فضفاضة حاولت من خلالها ألا أقول أي شيء. أصر على الإحراج، وضغط على الكلمات لكي تخرج مثلما يريدها "أريد منك وعدا حاسما أصواتك أنت والأسرة لي، أليس كذلك؟" أخبرته أنني أستطيع الحديث عن صوتي، أما أصوات الأسرة فيستطيعون هم الحديث عنها، ولا وصاية في الموضوع. ثم ذكرته أن سرية التصويت هي حق للجميع وأنني لن أخبره، لكنني سأختار وفق مايمليه ضميري علي، وما أراه مناسبا للدائرة التي أحيا فيها، وإذا ماكان صالحا بالنسبة لي فسأصوت عليه، مع تذكيره أن صوتي واحد من بين آلاف الأصوات في الدائرة من الممكن أن يبذل بعض الجهد الحقيقي في إقناعها ببرنامج فعلي من أجل أن تختاره في الختام من أجل أن يوصل صوتها ويدافع عن مصالحها، ويسير شأنها في المرحلة المقبلة قال لي بصوت واثق "اللي علينا حنا درناه". حدثني عن زرود محطة الوقود، حيث الوفود تنهال عليه الواحدة بعد الأخرى. أخبرني عن سيدات الدائرة اللائي تكلفن بالنساء وإقناعهن أنه "ماغيكون غير الخير". روى لي قصصا لا تنتهي عن شباب أدى لهم مايريدونه، "من "فلوس الحمام حتى لفلوس الشراب والقصارة" حسب عبارته . ابتسمت، ثم ضحكت، ثم أصبحت محدقا فيه ببلاهة أسأل نفسي "معامن حنايا؟". اكتشفت، أو لنقل إنني استفقت مجددا، على وقع اكتشاف أننا نكتب كلاما في الجرائد ونقوله في الإذاعة والتلفزيون، لكن الحياة الحقيقية شيء آخر مخالف تماما. هنا يحضر الاقتناع المشترك بين ناخب معين، وبين منتخب معين، أن اللعبة مقسومة سلفا ومربوحة لمن يربحها دائما، وأن مساحة الانتصار الوحيدة المتاحة للناخب هي أن يستفيد أيام الحملة من بعض الفتات والسلام. طردت عن نفسي هاته الأفكار المتشائمة، وقلت "غير ممكن، أكيد هناك بديل ما لهذا الهراء". سأبحث عنه ماتبقى من أيام الحملة في دائرتي، أتمنى أن تفعلوا أيضا مثلي. دعوكم من محترفيها ومن نصابيها ومن "خوايضييها والحرايفية" ومن بقية من جعلوا مدننا وقرانا وجهاتنا على هذا الشكل الذي نراه. إبحثوا جيدا، لا بديل لدينا سوى البحث المضني عمن يحمل هم البلاد لا هم مصلحته الخاصة، ولا من يستثمر بعض المال ويريد استعادته قبل الدورة الأولى من اجتماع المجلس أو الجهة التي سينتخب فيها إبحثوا. ولنبحث جميعا، لايجب أن نعتبر مستقبل بلدنا ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق، مهما حاول المتاجرون بالوطن أن يقنعونا بذلك أصدقاء كانوا لنا أم أناسا لا نعرفهم. الوطن ومعرفته الكبرى أهم من هاته المعرفة الصغيرة بكثير. ملحوظة لها بعض العلاقة بما سبق لفهم الغيظ الذي يتحدث به البعض هنا عن تطورات فضيحة لوران/ غراسيي، وعن السباب الموجه إلينا في المجموعة الإعلامية، وجب قول عبارة صغيرة يرددها المغاربة دائما عن لحية الجار وعن ضرورة ترطيب ذقنك إذا ما رأيته يحلقها. استعدوا للمزيد من المفاجآت...دون مزيد من الكلام.