باتهامه لحزب الأصالة والمعاصرة بتمويل الانتخابات من أموال «الغبرة»، يكون عبد الإله ابن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية قد تجاوز كل الخطوط الحمراء في هستيريا العنف اللفظي المسموح به في الحملات الانتخابية. إنه لأمر خطير للغاية أن يصدر مثل هذا التصريح عن زعيم حزبي هو في الوقت نفسه رئيس للحكومة، ونحن أمام تصريح يقع تحت طائلة القانون الجنائي وفيه احتمالين لاثالث لهما: إما أن «البام» متورط في أنشطة مخالفة للقانون، ما يستدعي فتح تحقيق قضائي يتم فيه الاستماع إلى عبد الإله ابن كيران للإدلاء بما لديه من حجج، وإما أن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية يطلق الكلام على عواهنه، وهذا لن يثبته مرة أخرى غير تحقيق قضائي تترتب عنه الجزاءات القانونية للاتهام الباطل والتبليغ عن جرائم غير حقيقية. وسواء في هذه الحالة أو تلك، فإن ابن كيران، وبعد كل المعارك التي خاضها في كل الاتجاهات من أجل انتزاع سلطة الإشراف السياسي على الانتخابات، اختار كرئيس للحكومة أن يجرد نفسه طواعية وبشكل عملي من هذه الصلاحية التي كانت السبب في تعثر الإسراع بالمصادقة على القوانين الانتخابية بعد تمسك المعارضة بإحداث هيئة مستقلة للإشراف الإنتخابي، ما استدعى تدخلا ملكيا احترم روح الدستور ومنطوقه، وأناط برئيس حكومته في مجلس وزاري ما يخلوه له الدستور من صلاحيات. فبصفته أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية، اختار عبد الإله ابن كيران أن ينزل بكل ثقله الانتخابي في الحملة الانتخابية، فصار يتنقل بين مدن المغرب من شرقه إلى شمالة فوسطه وجنوبه، متقمصا شخصية الخصم المباشر واللذوذ مباشرا الأمناء العامين للأحزاب السياسية خاصة أحزاب الأصالة والمعاصرة، الاستقلال، الاتحاد الاشتراكي. ومع ذلك فقد ظل إلى حدود السبت الماضي في منزلة الخصم والحكم في الوقت نفسه، لكنه وابتداء مما صرح به في أكادير يوم الأحد صار في موقع الشخص الذي يجب أن يكون مسؤؤلا عن تصريحاته أمام القانون والقضاء. لقد ذهب ابن كيران، بتصريحاته المتهورة، بعيدا في إضعاف مؤسسة رئاسة الحكومة، وخذلان كل الذين دافعوا عن أحقيتها بالإشراف السياسي على الانتخابات، ومما لا يقل خطورة عن ذلك أن المسؤول الحكومي المفروض قيه أن يوفر ضمانات إجراء انتخابات نزيهة، ويشجع المواطنين على استعادة الثقة في العمل السياسي، هو نفسه الذي يحكم منذ الآن على الانتتخابات التي تشرف عليها حكومته بالفساد!!. قديما قال المغاربة «اللسان ما فيه عظم»، لكنه على الأقل لسان ينطق باسم العقل، وفي حالة مسؤول في الدولة، يجب أن يكون لسانا فيه حكمة ورزانة وتعقل.