شكلت ندوة "العرب .. أن نكون أو لا نكون"، التي اختتمت الخميس سلسلة ندوات تم تنظيمها ضمن الدورة الثلاثين لجامعة المعتمد بن عباد الصيفية بأصيلة، مناسبة لطرح عدد من الأسئلة الحارقة حول أسباب تردي الوضع العربي بصورة عامة، وسبل النهوض به. وأجمع المتدخلون خلال هذه الندوة، المنظمة في إطار الدورة 37 لموسم أصيلة الثقافي الدولي (24 يوليوز إلى 9 غشت)، على أن الوضع العربي، في مجمله، "بلغ درجة من السوء لم يشهدها منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية"، مشددين على أن العرب قادرون، مع ذلك، على النهوض من كبوتهم واستعادة زمام المبادرة إذا وفروا لأنفسهم مجموعة من الشروط. وفي هذا السياق، دعا رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، فؤاد السنيورة، إلى رد الاعتبار للمشروع القومي العربي على أساس ثمانية محاور، تتمثل في إعادة الاعتبار لقضية فلسطين المركزية، واتخاذ موقف عربي ثابت يستعيد التوازن الاستراتيجي في المنطقة، واتخاذ موقف واضح وصريح من إيران لاستعادة الثقة والتعاون. كما دعا السنيورة، رئيس كتلة المستقبل النيابية بالبرلمان اللبناني، إلى التقدم على مسار الإصلاح السياسي وإعادة تأسيس الحكم المدني الرشيد، وكذا على مسار الإصلاح الديني واسترجاع الإسلام من خاطفيه، والتصدي لأسباب تفكك المجتمعات من الداخل، واتخاذ موقف عربي حازم يعيد الاحترام للهويات الجامعة. واقترح السنيورة إحداث هيئة عربية تتشكل من علماء استراتيجيين لتحويل النقاط الثمانية السالفة إلى سياسات ورفعها إلى المؤسسات العربية المعنية لإقرارها وتنفيذها، وكذا عقد اجتماع استراتيجي بين الدول العربية الثلاث الكبرى (المغرب ومصر والسعودية) لوضع خطة لصد التهديدات التي تواجه الأمة العربية. وقال زياد عبد الله إدريس، رئيس خطة الثقافة العربية في اليونسكو، "إننا لا نستطيع تغيير الآخر ولكننا نستطيع تغيير أنفسنا وإن كان هذا الآخر شريكا في مأساتنا"، مشددا على "ثقافة استنبات الإرادات الجميلة" وعلى أن العمل المؤسساتي ليس ضمانة مضمونة للنجاح بل تبقى للفرد تأثيراته الأكيدة (مهاتير محمد، مانديلا، داسيلفا….). وأكد السفير محمد أوجار، ممثل المغرب الدائم لدى مكتب الأممالمتحدة في جنيف، على الإرادة الاستباقية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ونضج النخب المغربية التي انتصرت للمغرب أولا وأخيرا، مشيرا إلى أنه ما إن برزت الحاجة إلى جيل جديد من الإصلاحات حتى تلقفها الذكاء الاجتماعي والتاريخي لجلالته فعانق مطالب الشباب في طرح أسئلة كان لابد أن تطرح من قبيل سؤال الهوية والتعدد (ترسيم الأمازيغية). وشدد أوجار على الانحياز لمنظومات عربية تنتصر لدولة المؤسسات وللديمقراطية والحرية والمناصفة والإسلام الوسطي، مذكرا بالهندسة الدستورية في دستور 2011 لاختصاصات جلالة الملك ورئيس الحكومة والمعارضة والتعاقد العام بين المواطن والمؤسسات. ودعا أوجار إلى إقرار الديمقراطية ونبذ الفساد ومقاسمة العرب الإنسانية قيمها الكونية وعدم التذرع بالخصوصيات المحلية وكذا تجديد المشروع القومي العربي والاستفادة من التجارب الناجحة "إذ كيف يمكن إقناع المواطن العربي بانتمائه القومي، وهو لم يقتنع بعد بالانتماء لوطنيته". وفي ختام هذه الجلسة، سلم السفير أحمد الصياد محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، "ميدالية مولانا جلال الدين الرومي" التي منحتها له مجموعة 77 زائد الصين في اليونسكو.