بعد دخول المفاوضات حول البرنامج النووي الايراني اسبوعها الثالث، ارخى مزيد من الغموض السبت بظله على احتمال التوصل الى اتفاق بسرعة، مع رفض طهران وضع حدود زمنية للمحادثات، وحديث واشنطن عن استمرار وجود "قضايا صعبة". وغداة تمديد جديد للمحادثات، عقد الطرفان الرئيسيان في المفاوضات وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الايراني محمد جواد ظريف اجتماعا ثانيا عند الظهر في قصر كوبورغ في فيينا بحضور وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني، وذلك بعد لقاء ثنائي صباحا. وعلى الاثر، كتب كيري على موقع تويتر انه لا تزال هناك قضايا "صعبة تتطلب حلا". وقد تعقد لقاءات اخرى ايضا، اذ قال مسؤول ايراني لوكالة فرانس برس ردا على سؤال عن احتمال ارجاء المفاوضات "ليس لدينا اي مهلة زمنية للتوصل الى اتفاق جيد". ثم التقى كيري نظيريه الفرنسي لوران فابيوس والالماني فرانك فالتر شتاينماير. وعاد وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند بعد الظهر الى فيينا بعد استراحة ل24 ساعة، علما بان الوزيرين الروسي والصيني غادرا العاصمة النمسوية منذ ايام عدة. والهدف من هذه الجهود هو اغلاق ملف يؤثر سلبا في العلاقات الدولية منذ اكثر من 12 عاما. ويتهم الغربيون ايران بالعمل على برنامج نووي عسكري بغطاء مدني منذ العام 2003، وهو ما تنفيه طهران بشدة. ومنذ 2006، فرض المجتمع الدولي عقوبات عدة على طهران، اثقلت كاهل اقتصاد البلاد التي تعد حوالى 77 مليون نسمة. وبدأت جهود التوصل الى اتفاق حول البرنامج النووي الايراني في سبتمبر العام 2013 مع وصول الرئيس المعتدل حسن روحاني الى الحكم في الجمهورية الاسلامية. وفي نوفمبر من العام نفسه توصلت ايران ومفاوضوها الى اتفاق اطار جمدت ايران بموجبه جزءا من انشطة برنامجها النووي مقابل رفع محدود للعقوبات. وبعد جولات عدة، تهدف مفاوضات فيينا الى وضع اللمسات الاخيرة على نص من مئات الصفحات قيد المناقشة. لكن المفاوضات التي كان يفترض ان تفضي الى اتفاق في المهلة التي حددت في 30 يونيو، مددت مرات عدة. ومساء الجمعة اعطى كيري بارقة امل متحدثا عن تسوية بعض "المسائل العالقة" خلال جلسات تمت في اجواء "بناءة جدا" خلال اليوم. ومنذ ايام عدة، تطالب طهران بالتزام فوري برفع كل العقوبات التي تؤثر في اقتصادها وكذلك تلك التي تشمل تجارة الاسلحة وبرنامجها البالستي، واعلنت موسكو الجمعة تاييدها للمطالب الايرانية. لكن الغربيين، ومع اقرارهم بان لكل بلد برنامجه العسكري التقليدي، يعتبرون ان رفع الحظر عن الاسلحة سيكون صعبا تمريره على الصعيد السياسي بالنظر الى الظروف الاقليمية وضلوع ايران في نزاعات عدة ابرزها سوريا والعراق. وثمة ايضا خلاف على وتيرة رفع العقوبات وتفتيش المواقع العسكرية الايرانية ومدة الاتفاق. والخميس، تصاعدت حدة النبرة مع اتهام كل جانب للآخر بعدم اتخاذ القرارات اللازمة. وبالنسبة الى المحلل كيلسي دافنبورت، المتخصص في هذا الملف، فان "الوقت ليس للمزايدة والمواقف المتصلبة. هذه لحظة تاريخية، ويمكن ان تكون هناك عواقب وخيمة اذا فشل المفاوضون في اغتنام الفرصة لابرام اتفاق جيد". وحذر الخبير الذي يعمل في منظمة مراقبة الاسلحة في واشنطن من ان "ارجاء قرار ابرام اتفاق في هذه المرحلة، او الفشل في حل التفاصيل النهائية وترك طاولة المفاوضات، سيسمح للخصوم المتشددين الرافضين للاتفاق، لاسيما داخل الكونغرس الاميركي، بالتحرك لمنع وضع الصيغة النهائية لاي اتفاق". وهؤلاء يستعدون فعلا للمعركة. والجمعة، رحب السناتور الجمهوري جون كورنين بواقع ان مجلس الشيوخ "اثبت في الماضي انه لا يقف مكتوف اليدين حين يوقع الرئيس اتفاقيات لها عواقب وخيمة على الامن القومي". وفي حال ابرام اتفاق، سيقدم النص الى المشرعين الاميركيين الذين يمكنهم عرقلته ولكن بغالبية الثلثين في الكونغرس.