مازالت أمراض المناعة الذاتية غير معروفة في المغرب رغم أنها تخص أكثر من ثلاثة ملايين شخص وكثير منهم يجهلون حتى بإصابتهم خصوصا في المراحل الأولية للمرض. ويرجع إلى أن تشخيص أمراض المناعة الذاتية جد معقد في كثير من الأحيان لأن المرض يمر بفترات مختلفة فتارة يكون نشطا وتارة أخرى يكون كامنا. وقد شكل موضوع المرأة في خضم أمراض المناعة الذاتية محور اليوم الدراسي الذي نظمته الجمعية المغربية لأمراض المناعة الذاتية والجهازية أخيرا بكلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء تقدر نسبة المغاربة المصابين بأمراض المناعة الذاتية والجهازية بحوالي 8 في المائة، أغلبهم من النساء اللواتي يشكلن 80 في المائة من المصابين. وقد جاء الإعلان عن هذه الأرقام خلال المؤتمر العلمي الأول الذي نظمته الجمعية المغربية لأمراض المناعة الذاتية والأمراض الجهازية، نهاية أكتوبر الماضي. ويصيب هذا النوع من الأمراض أكثر من 7 في المائة من سكان العالم، ويعتبر ثالث مسبب للوفيات، بعد السرطانات وأمراض القلب والشرايين. ما هي الأمراض المناعية؟ تتميز أمراض المناعة الذاتية بكونها أمراضا يهاجم خلالها الجسم نفسه بنفسه باستخدام آليات جهاز المناعة. إذ يصبح هذا الجهاز المسؤول عن حماية الجسم من الهجوم الخارجي للجراثيم وفيروسات هو نفسه سببا في مهاجمة الجسم عوض الدفاع عنه وذلك هندما يخطئ التقدير ويعتبر الجسم عدوا له. وحسب البروفيسور خديجة موسيار الرئيسة المؤسسة للجمعية المغربية لأمراض المناعة الذاتية والأمراض الجهازية فإن هذه الأمراض بتتميز بحدوث خلل يجعل الجسم غير قادر على معرفة مكوناته، بسبب عدم قدرة خلايا الجهاز المناعي على تمييز خلايا الجسم، وتعطل تحمل آليات جهاز المناعة لمكونات الجسم، لسبب أو لآخر. والنتيجة أن الجسم يقوم بتركيب أجسام مناعة، تسمى الأجسام المضادة، التي تهاجم أعضاء الجسم، من الخلايا والأنسجة عن طريق الخطأ، مما يخلف أضرارا كبيرة. 100 نوع مرضي توضح البروفسور موسيار الاختصاصية في الطب الباطني وأمراض الشيخوخة أن أمراض المناعة الذاتية تشمل أكثر من 100 مرض مناعي ذاتي. ويمكن تصنيفها إلى قسمين: أمراض المناعة الذاتية المركزة، التي تصيب عضوا واحدا فقط، وتسمى أمراض المناعة الذاتية الخاصة بعضو واحد. ثم أمراض المناعة الذاتية، التي تصيب أجهزة مختلفة، مثل الكبد والكلية والمفاصل والخلايا والدم والدماغ والقلب، وتدعى أمراض المناعة الذاتية الجهازية. ويمكن أن يستهدف النوع الأول الغدة الدرقية، أو بعض خلايا الكريات الحمراء والصفائح، ولذلك يصنف البرص، أو البهاق، ضمن أمراض المناعة الذاتية. أما متلازمة « شوغرين»، فتتميز بنقص في إفرازات الجسم، على مستوى العين واللعاب، ومن الممكن أن تصيب المفاصل والجلد والجهاز العصبي. ومن أهم أعراض هذه الأمراض، حدوث التهابات في المفاصل، وظهور علامات جلدية وبقع جلدية حمراء أو بنية، حسب كل حالة مرضية. أما الأسباب فهي متنوعة لكن الوراثة هي أكبر العوامل. ومن أشهر الأمراض المناعية هو مرض الروماتويد المفصلي الذي يصيب النساء أكثر من غيرهن إضافة إلى مرض التهاب الغدة الدرقية. النساء أكثر عرضة للإصابة تعتبر النساء أكثر عرضة للإصابة بأمراض المناعة الذاتية، إذ تصاب امرأة من بين 10 نساء بأحد أنواع أمراض المناعة الذاتية. وللأسف تكون هذه الأمراض، حسب موسيار، سببا في مشاكل في الخصوبة والحمل والإجهاض المتكرر. كما أنها تتسبب في مشاكل للجنين وهو في بطن أمه أو عند الوضع. إجهاض متكرر تتسبب أمراض المناعة الذاتية في الإجهاض المتكرر بنسبة 3 محاولات حمل فاشلة. ويتشمل 1 إلى 2 في المائة من المصابات بهذا النوع من الأمراض، وعلى رأسهن المصابات بالذئبية الحمراء. وتتطلب هذه الحالة في كثير من الأحيان نصح الزوجين بتفادي الحمل، خوفا من التعرض لمضاعفات، خصوصا عندما يكون المرض نشيطا ولم يسيطر عليه بعد. مضادات الالتهاب العلاج الأمثل ويمكن تشخيص المرض بالخضوع لتحاليل مخبرية دقيقة والتعرف على التاريخ المرضي للشخص وعائلته، ليسهل التشخيص ثم بعد ذلك يخضع المريض لمراقبة طبية مناسبة على أيدي أطباء اختصاصيين. وتعد مضادات الالتهاب أحد أهم العلاجات المقترحة في علاج المرض. وتبقى المتابعة الطبية الصارمة والمستمرة ضرورية أيضا كما يتم وصف بعض الحميات الغذائية إذا تعلق الأمر بالإصابة بداء الحساسية تجاه القمح مثلا . مؤطر تكون أعراض أعراض بعض الأمراض في البداية مربكة وغير محددة مثل عياء شديد وآلام منتشرة آو طفح في الجلد غير واضح السبب. وفي هذا السياق أكدت دراسة أمريكية أن معظم المصابين بأمراض المناعة الذاتية يلزمهم استشارة أكثر من 6 أطباء و مدة زمنية تتعدى الأربع سنوات للحصول على تشخيص دقيق. مع ذلك فإن كان الشفاء التام من كثير من هده الأمراض ليس ممكنا بعد٬ فإنه يتم حاليا التغلب عليها بفضل متابعة منتظمة تمكن المريض من الحصول على حياة شبه طبيعية تعتمد على دواء الكورتيزون ومثبطات المناعة و إضافة إلى أنه مع بداية سنوات الألفية الثالثة هناك أدوية جديدة واعدة هي العقاقير البيولوجية. مؤطر من بين توصيات المؤتمر الأول لأمراض المناعة الذاتية والتي ستعمل الجمعية على إنجازها: *الحث على برمجة استشارة طبية متعددة الاختصاصات ما قبل الحمل تجمع بين اختصاصي النساء والولادة و اختصاصي المرض المناعي الذاتي وذلك لتفادي المخاطر الناتجة عن تفاقم بعض أمراض المناعة الذاتية مثل الذئبية الحمراء أثناء الحمل . * توفير بعض الأدوية الغير المتواجدة في المغرب والضرورية في معالجة المتلازمة الجفافية. * وجوب التكفل والرعاية النفسية وتحسيس المرضى وعائلاتهم: أمراض المناعة الذاتية أمراض مزمنة تستدعي تناول أدوية على المدى الطويل مما يستنزف قدرات المريض.