تعود المجموعة الفرنسية لصناعة السيارات (بي إس إي بوجو- سيتروين) بقوة إلى السوق الإفريقية من خلال مشروع ضخم بالمغرب، حيث تتزاحم القوى الصناعية الكبرى على أبواب جنة صناعة السيارات. ومن شأن إحداث مصنع، من المنتظر أن ينتج حوالي 200 ألف سيارة سنويا وإحداث الآلاف من مناصب الشغل، أن يعزز موقع المملكة كأرضية أساسية للقطاع في البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. تتموقع القاعدة الصناعية المغربية مسبقا كرأس حربة وأرضية محورية لقطاع صناعة السيارات على مستوى المنطقة برمتها، انطلاقا من إنتاج مكونات وأجزاء السيارات وتجميعها، مرورا بأنشطة اللوجستيك وقطاع ترحيل الخدمات. وليس من قبيل الصدفة أن يصف مدير فرع شمال إفريقيا والشرق الأوسط للمجموعة الفرنسية (بي إس إي بوجو- سيتروين) المملكة باعتبارها "واحدة من الدول التي تتوفر على أفضل مؤهلات للنمو إلى جانب دول جنوب شرق آسيا، الأسواق التي ربما لم نوليها كل الاهتمام اللازم". ستعود إذن المجموعة الفرنسية بي إس إي بوجو-سيتروين، قريبا، إلى إفريقيا حيث ترغب في استعادة توهجها وإرساء عودتها بشكل مستدام بعد سنوات عجاف تميزت بانكماش أنشطتها في أوروبا. ويواصل العملاق الفرنسي في مجال صناعة السيارات أداءه الجيد في الصين، غير أنه يعاني من تراجع مهول في المبيعات في أمريكا اللاتينية وروسيا حيث لم تتمكن علامات بوجو وسيتروين من تخطي حاجز 3000 سيارة مباعة خلال الفترة ما بين شهري يناير وأبريل، مسجلة بذلك انخفاضا بنسبة 86 في المائة سنويا. ومن الآن فصاعدا، سينظر إلى القارة الإفريقية باعتبارها منطقة للنمو بالنسبة للمستقبل، حيث يتوقع أن تصل مبيعات السيارات الجديدة بمنطقة إفريقيا والشرق الأوسط لوحدها 8 ملايين سيارة سنة 2025، مقابل 5 ملايين سيارة حاليا. ومن نفس المنطلق، كانت المجموعة قد أعلنت، منذ أقل من شهر، عن اتفاقية لتركيب السيارات مع نيجيريا. ويكشف هذا المشروع المشترك النقاب عن تخوف الشركات متعددة الجنسيات من اقتصاديات بعض دول إفريقيا جنوب الصحراء حيث ينتشر البيع غير الرسمي وترتفع تكاليف الجمارك وتنعدم صيانة الطرق وتباع محروقات منخفضة الجودة، مما ينعكس على حجم المبيعات. وإذا كانت ظروف العمل تتسم بالصعوبة في إفريقيا جنوب الصحراء، فإن أسواق شمال إفريقيا تعتبر أكثر نضجا، حيث تم بالمنطقة المغاربية بيع نحو 275 ألف سيارة خلال السنة الماضية، في ظرف اتسم ببروز طبقات متوسطة واسعة تبحث عن الجديد. بهذه العبارات وصف الخبير حكيم عبد المومن، رئيس الجمعية المغربية لصناعة وتجارة السيارات، الصعود القوي لهذا القطاع بالمغرب الذي يعد أحد البلدان القلائل التي خصصت لسلسلة قيم قناة استراتيجية صاعدة مكانة ضمن مهنها العالمية. فالشركات متعددة الجنسيات التي استقرت بالمغرب تستورد أجزاء السيارات بكميات كبيرة، والتي أضحت، بفضل النمو الكبير للقطاع، تصنع بشكل متزايد بالسوق المحلي. وبالفعل، فقد استقر العشرات من مصنعي أجزاء السيارات والمتخصصين في قطع الغيار بالمغرب، قدم جزء كبير منهم في أعقاب إحداث مصنع (رونو) بطنجة. ومنذ حوالي عشر سنوات، يستثمر المغرب من أجل أن يحصل على نظام بيئي للسيارات يحفز على الاستثمار والتصدير. وبعد افتتاحه منذ حوالي ثلاث سنوات، أنتج مصنع رونو بطنجة حوالي 200 ألف سيارة سنة 2014. ويسعى المغرب إلى الرفع من الوتيرة من أجل تنويع اقتصاده. وخلال السنة الماضية، حقق قطاع صناعة السيارات رقم معاملات للتصدير بلغ حوالي 4 مليارات أورو، ليصبح بذلك وللمرة الأولى، أول قطاع مصدر متجاوزا البوتاسيوم. حتى الآن، يتوفر المغرب على 150 مصنعا للمعدات، ضمنها 13 مصنعا جديدا رأى النور سنة 2014 بطنجة، مساهما بذلك في إحداث 5400 منصب شغل. وفي أفق سنة 2020 ينتظر أن يشغل القطاع حوالي 90 ألف شخص، ثلثاهم في قطاع الصناعة والثلث الآخر في قطاع الخدمات.