تحمل كاميرتها لتوثيق مشاهد من مدينة الدارالبيضاء، تتتبع زوايا أزقة ودروب حي الأحباس، فجأة توقفت عملية التصوير0 لم تستوعب السائحة الأمريكية ذات الثمانية والأربعين سنة لحظة سرقة آلة تصويرها عن طريق الخطف من طرف شخصين أطلقا أرجلهما للريح0 سمعت كثيرا عن أرض المغرب، وعن طبيعته الخلابة التي حباه الله بها ومواقعه السياحية وجبال الأطلس الشامخة وظروفه المناخية الملائمة في جميع فصول السنة، أرادت أن تتعرف أكثر على مدينة ” كازابلانكا” التي حملت اسم فيلم سينمائي رومانسي أخرجه مايكل كورتيز في أوائل أربعينيات القرن الماضي وقام ببطولته الكبير همفري بوغارت و النجمة أنجريد بيرغمان 0 قدمت السائحة القادمة من بلاد العام سام إلى العاصمة الاقتصادية صباح الأحد الماضي على متن باخرة سياحية كبيرة ضمت مجموعة من زملائها وأصدقائها0 في صباح ذلك اليوم بدأ الفوج السياحي الأمريكي في التجول في حاضرة البيضاء، استرعى تلك السائحة خليط مدهش من العمارة الفرنسية والمغربية بالمدينة0 كانت وجهتهم الرئيسية حي الأحباس العريق الذي يحمل نفحات من الأندلس المعمارية، افتتنت الزائرة بالتصميم المعماري للحي، ولما تزأبقت بين دروب هذا الحي جذبها شيء من السحر وكثير من الحب لهذا المكان 0 وكان تحرص وهي بذلك المكان على توثيق وتسجيل كل ماشاهدته هناك عبر كاميرتها الرقمية التي كانت من النوع الممتاز «باناسونيك»0 أغرمت هذه السائحة بمنظر القباب البيضاء والممرات المسقوفة والحرف الشعبية، حيث لفت نظرها حوانيت حي الأحباس المليئة بإبداعات الصناع والفنانين التقليديين المغاربة من جلود وأنسجة ولباس وأخشاب000 وحينما وصل كل أفراد الفوج السياحي إلى ساحة سيدي محمد بن عبد الله (درب البلدية)، انزوت السائحة الأمريكية وهي تحمل كاميرتها وتأخذ صور للذكرى للمكان، لكن شخصين كان لهما رأي آخر، حيث سرقا تلك الآلة منها وفرا0 ارتسمت لحظتها على السائحة علامات المفاجأة والذهول ممتزجة بالألم والحيرة، واهتز جسمها كما لو أن قدميها لاتقويان على حملها0 بعد ذلك انتقلت هذه السائحة بمعية سائق الطاكسي إلى الدائرة الأمنية درب الكبير للتبليغ بالنازلة0 هرع المحققون الأمنيون إلى مكان الحادث، وقاموا بتحريات دقيقة ومكثفة بمسرح الجريمة، تحقيقات قادت إلى التعرف على أحد الظنينين الذي مازال في ربيعه السادس عشر، وتمكنوا من حجز آلة الكاميرا المسروقة التي سلمتها والدة السارق لهم في حدود السادسة مساء من نفس يوم عملية السرقة0 انطلق رئيس الدائرة الأمنية درب الكبير رفقة ثلاثة ضباط شرطة إلى ميناء البيضاء، وسلموا آلة التصوير المسروقة إلى صاحبتها الأمريكية، التي فرحت كثيرا بعمل الشرطة الذي كان سريعا وفعالا، واطمأنت على ماكانت تحتوي عليه ذاكرة الكاميرا من تسجيلات فوجدتها سليمة0 أصرت السائحة الأمريكية على أن تأخذ صورا فوتوغرافية مع رجال الشرطة وشكرتهم كثيرا على مجهودهم ويقظتهم وسرعة بديهتهم، خصوصا أن السائحة وجميع الفوج السياحي كانوا سيسافرون عبر السفينة السياحية في حدود الحادية عشرة ليلا من نفس اليوم، أي الأحد الأخير إلى مدينة لاس بالماس بإسبانيا0 محمد حفاض