حين فتحت الدولة سابقا باب المغادرة الطوعية لموظفي القطاع العمومي، كانت لها دوافعها ومبرراتها التي لا مجال للخوض فيها حاليا في هاته الورقة.. حينها، ظن أصحاب هاته المبادرة أن بعض المشتغلين في أسلاك الوظيفة العمومية سيختارون مناحي مهنية أخرى، بعد الاستفادة من المبلغ الإجمالي الذي سيستحقونه نظير استفادتهم من هاته المغادرة الطوعية.. لقد كان مبدعو فكرة المغادرة الطوعية في أسلاك الوظيفة العمومية واهمين، بالنظر إلى قرار العديد منهم بالعودة مجددا لممارسة مهامهم التي تركوها اختياريا مفضلين الاستفادة من تعويض مادي محترم نظير هاته المغادرة.. ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن الإذاعة الوطنية بدورها أتاحت لأفراد طواقمها التحريرية والتقنية والإدارية إمكانية الاستفادة من المغادرة الطوعية، وهو الأمر الذي أفضى في النهاية إلى تفضيل العديد من الفعاليات الإذاعية الابتعاد عن الأثير والمستمعين إلى مجال مهني آخر.. فيما قرر بعض المنتجين الإذاعيين العودة للاشتغال بعد استفادتهم من المغادرة الطوعية، وهي العودة التي جاءت من خلال استفادتهم من التعاون الخارجي مع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية.. ولمزيد من الإيضاحات نقول إن منتجا إذاعيا معروفا يقدم فقرة من البرنامج اليومي «صباح بلادي»، في إطار اشتغاله حاليا كمتعاون خارجي مع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية مقابل 20.000 درهم فقط شهريا..ولعل ما يزيد الطين بلة، هو أن هذا المنتج الإذاعي المعروف في رحلة إلى المملكة السعودية بسبب أداء مناسك الحج للموسم الحالي، في الوقت الذي تبث فيه تسجيلات الفقرة التي سجلها سلفا ضمن برنامج «صباح بلادي»؟ والملاحظة المسجلة في هذا الصدد، ألن تتقادم هاته الفقرات المسجلة، خاصة أن الأمر يتعلق بالشأن السياسي الذي سيشهد قريبا مرور الانتخابات التشريعية؟ ألا توجد كفاءات إذاعية أخرى داخل قطاع التحرير أو الأخبار بالإذاعة الوطنية، قادرة على تقديم هذه الفقرة يوميا مباشرة وبشكل حي بعيدا عن التسجيلات البائتة؟ أليس من حق كفاءات شابة الاستفادة من المناصب داخل الإذاعة الوطنية، تحقيقا لمبدأ تكافؤ الفرص والانفتاح على طاقات شابة بدماء جديدة ونبض حي؟ مادام هذا النموذج على سبيل المثال لا الحصر، غادر اختياريا وعاد أيضا اختياريا دونما حسيب أو رقيب من قبل إدارة الإذاعة؟ ألا توجد طاقات أخرى غير هذا المنتج الإذاعي المعروف الذي نتمنى له حجا مبرورا وسعيا مشكورا وعودة ميمونة إلى أرض الوطن.. وقبل كل ذلك، التضرع لله عز وجل بأن ينزل علينا شآبيب لطفه الواسع مما يجري حاليا في هذا البلد وفي إذاعته الغراء؟ إكرام زايد