في أحد أيام الأسبوع الماضي، كان تقديمه للعدالة. مهنته “بقال” يبيع المواد الغذائية بدكان يقع بحي ينتمي إلى المقاطعة الحضرية للحي الحسني بالبيضاء، يسمى «درب الوردة». أما حالته العائلية هي أنه: متزوج وينتظر مولودا جديدا، بعد أن ترك زوجة حبلى في شهورها الأولى. أما تهمته فهي «محاولة هتك عرض قاصر»، ولم يكن ضحيته غير أحد أبناء هذا الحي، الذي قضى به عقودا يتاجر بدكان يقع تحت أحد المنازل. «لم يكن أحد يعتقد أنه يمكن أن يقترف ما أقدم عليه»، تعليق ورد على أكثر من لسان. وفي تفسير هذه الخلاصة يأتي الخائضون في الموضوع على ذكر أنه لم يتم الحديث من قبل عن تعرض طفل أو يافع من الحي الذي يمارس فيه تجارة المواد الغذائية منذ عقود، عن تحرشه بطفل ممن يقصدون دكانه من أجل اقتناء بعض الحلويات، أو تلبية لحاجيات أسر تقطن هذا الحي الشعبي، فهل كانت نزوة عابرة، أما أنها عادة مرضية.. أم أنها هناك محاولة توريط للمتهم، كما ادعى أفراد من عائلته؟... لكن الضحية لم يكن طفلا صغيرا لا يدرك ما تعرضه له، بل إنه حسب مصدر مطلع «يافع» يتابع دراسته بتفوق في إحدى الثانويات، كان يقف بين الفينة والأخرى أمام دكان المتهم، يتجاذب معه أطراف الحديث. لأن بقال الحي يغدو فردا قريبا لدى الكثير من سكان الأحياء التي يمارس فيها تجارته. وأن بقال «درب الوردة» ليس غريبا عن جميع قاطني المنطقة التي يوجد بها دكانه، فهم يمرون أمامه صباح مساء. لكن في مساء يوم موعود طلب البقال من «اليافع» مرافقته على متن سيارته، وكان الدافع مساعدته على حمل أكياس من الدقيق. لم يتردد «اليافع»، ولم يشك في النوايا الحقيقية لطلب «البقال». ركب إلى جانبه على متن سيارته «c15». لم يبتعدا كثيرا فبجوار مؤسسة تعليمية تقع على مقربة من إدارة للضرائب، رَكَنَ «البقال» السيارة، وكشر عن أنيابه، محاولا قضاء نزواته من ضحية خَالَهُ «لقمة سائغة». لكن يقظة اليافع جعلته يدافع عن نفسه، وعن «حرمة جسده» من التدنيس. لم يستسلم، قاوم ودخل في عراك مع البقال، بل إنه صرخ حسب مصدر مطلع في وجه من حاول الاعتداء عليه. ولعل الصدفة ساهمت في تخليص «اليافع» من قبضة المعتدي، عندما مر بجوار السيارة شخص قام بإبلاغ رجال الشرطة. وما هي إلا دقائق حتى وقفت سيارة الأمن الوطني قرب السيارة التي تم الإبلاغ عن حدوث شجار داخلها. اقتيد «اليافع» و«البقال» إلى مقر الأمن الاقليمي بالحي الحسني «الدار الحمرا» ، وهناك شرع رجال الشرطة في استنطاق المتهم، والاستماع إلى الضحية الذي تم استدعاؤه أسرته. لتنكشف فصول محاولة «هتك عرض قاصر»، كان البقال يهم بتنفيذها ضد أحد أبناء الجيران. بعد تحرير محضر بالنازلة، تم تقديم «البقال» وضحيته أمام النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالبيضاء. وقد كانت دهشة الجميع كبيرة عندما سرد «اليافع/الضحية» دون خوف أو وجل، تفاصيل ما تعرض له أمام النيابة العامة، متحدثا عن الثقة التي كان يحسها إزاء «بقال» الحي الذي كشر عن أنيابه، محاولا استغلال جسده. لكنه قاوم ورفض الاستسلام إلى أن جاءه الخلاص بإبلاغ الشرطة التي لم تتأخر في نجدته. أمر النيابة العامة باعتقال المتهم، وإيداعه سجن عكاشة، ونصحت «اليافع» بضرورة متابعة أطوار محاكمته، لكي يطمئن إلى أن العدالة أخذت مجراها.