وقف حمار الشيخ في العقبة. هذا ما يمكن قوله في حق البوليساريو الذي حاول ستر حقيقة اختطاف ثلاثة أجانب بمخيم الرابوني ليلة الأحد المنصرم من طرف عناصرها وبدعم من أمنيين. فمع مرور أيام قليلة على عملية الاختطاف، كشف مصدر وثيق الصلة بالنزاع المفتعل في الصحراء المغربية أن «عملية الاختطاف مرتبطة بالمتاجرة في المساعدات الدولية الإنسانية للمحتجزين في مخيمات تندوف»، مضيفا أن «المختطفين الإسبانيين «أينو فيرنانداس كوين» و«أنريكو غونيالونس» والإيطالية «روسيلا أورو» كانوا مفتشين مكلفين بتتبع مسار المساعدات الدولية للمنظمات غير الحكومية وتفتيش أماكن تخزينها». وقال المصدر ذاته «إنهم وقفوا على خروقات كثيرة وتلاعب بمساعدات المنظمات غير الحكومية، ولذلك تقرر اختطافهم» ولا يستبعد المصدر ذاته أن يكون وراء العملية «مافيا» البوليساريو المختصة في التهريب للتستر على خروقاتها بتواطؤ مع مختلف الأجهزة الأمنية، ولإخفاء تلك الحقيقة سارع البوليساريو لاتهام القاعدة في المغرب الإسلامي. كل ذلك يؤكد ما تداولته مصادر متطابقة من أن العملية من تنفيذ عناصر صحراوية مقربة من كتيبة حكيم ولد محمد امبارك والتي حددت موقع المتعاونين الأوروبيين الثلاثة، «وتابعتهم ثم اختطفتهم»، ومن غير المستبعد أن يتم تسليمهم للإرهابي الجزائري مختار بلمختار (بلعور) «أمير الصحراء» لحبك السيناريو بشكل جيد، ومايؤكد ذلك أن المختطفين «استفادوا من دعم الأجهزة الأمنية التابعة للبوليساريو من أجل عبور نقط المراقبة التابعة للجيش الجزائري والبوليساريو». «أن تغمض أجهزة مراقبة مخيم «الرابوني» المحصنة أعينها عن الخاطفين الذين كانوا يرتدون زيا عسكريا وعلى متن سيارات ذات الدفع الرباعي، وافتعال اشتباك وهمي دون قتلى باستثناء إصابة الرهينة الإسباني «إنريكو غونيالونس» بجروح متفاوتة وكذا أحد الحراس الصحراويين، يفضح العملية المدبرة بإتقان»، يقول المصدر ذاته. فضيحة نهب المساعدات الدولية التي سعت البوليساريو لإخفائها تنضاف إلى فضيحة أخرى وهي أن العديد من عناصر (البوليساريو) تحولوا إلى مقاتلين مأجورين في خدمة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، بعد أن تبخرت أحلامهم الانفصالية» حسب ما كتبت صحيفة «إل جيورنال» الإيطالية في عددها لأول أمس، والتي أبرزت أيضا أن «هذه العناصر تقوم تحت لواء تنظيم القاعدة بخطف الأجانب وتهريب السلاح وتخزين الكوكايين بعد تسلم شحناته من طائرات لعصابات من أمريكا الجنوبية تحط على مسالك الصحراء». الموقع الإعلامي «إينبريميثيا» الإسباني أشار بدوره استنادا إلى مصادر من أجهزة المخابرات الإسبانية أول أمس الأربعاء إلى أن «أعضاء بالبوليساريو شاركوا بأنفسهم في عملية اختطاف المتطوعين الغربيين الثلاثة» وأكدت أيضا «تواطؤ أمنيين في عملية الاختطاف وهم الذين «سهلوا دخول المختطفين إلى المخيمات وتمكينهم من المعلومات الداخلية»، ولذلك حذرت إسبانيا مواطنيها من التوجه إلى المخيمات وتوخي الحيطة والحذر بالنسبة للموجودين بها. نانسي هيوف رئيسة المنظمة غير الحكومية الأمريكية «تيتش شيلدرن أنترناشيونال» التي كانت قد قررت وضع حد لكافة أنشطة منظمتها بتندوف بعد اكتشاف تورط قادة الانفصاليين في تحويل المساعدات الإنسانية، شددت في بيان نشرته المنظمة مساء أول أمس الأربعاء بواشنطن، على أن «الاختطاف الذي جرى في مكان يوجد تحت رقابة البوليساريو هو إشارة قوية إلى المجتمع الدولي بشأن الحاجة الملحة لإيجاد تسوية لقضية الصحراء، وكذا لتحرير السكان المحتجزين فوق التراب الجزائري، كورقة للمساومة». قبل أن تنكشف الحقيقة، سبق أن أكدت مجلة «فوراين بوليسي» الأمريكية منذ أشهر على «التواطؤ» القائم بين تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والبوليساريو, واعتبرت أن التأخر الذي تعرفه تسوية قضية الصحراء أدى إلى التقاء مصالح بين الانفصاليين وهذا التنظيم الإرهابي الذي ينشط في منطقة الساحل الإفريقي وشمال إفريقيا.