تتواصل في نهاية الاسبوع الجاري منافسات البطولة الوطنية الاحترافية لأندية القسم الأول لكرة القدم بإجراء الدورة الخامسة والعشرين، التي ستتميز بلقاءات غاية في القوة والإثارة، والتي سيكون من أبرزها الديربي الكلاسيكي رقم 118 بين الرجاء والوداد البيضاويين ، والمواجهة الساخنة بين المغرب التطواني واتحاد الفتح الرياضي دون إغفال مباراة أولمبيك آسفي وأولمبيك خريبكة عن مقدمة الترتيب. وتكتسي مباريات هذه الدورة أهمية بالغة سواء منها التي تهم الأندية التي تتنافس على اللقب واحتلال مراكز مؤهلة لإحدى المسابقات القارية أو تلك التي تصارع من أجل الانعتاق من مخالب القسم الثاني. وسيكون ملعب المركب الرياضي محمد الخامس بالدارالبيضاء قبلة لعشاق القلعتين الخضراء والحمراء في إحدى أبرز المواجهات بينهما على مر تاريخ البطولة المغربية نظرا لوضعية كل منهما سلم ترتيب بطولة هذا الموسم . فعلى امتداد الديربيات ال117 السابقة ظلت لقاءات الرجاء والوداد حدثا استثنائيا تتوقف فيه عقارب الزمن لتفسح المجال أمام جماهير الفريقين خاصة والجمهور المغربي عامة بالاستمتاع بأطباق كروية من المستوى الرفيع حيث تفرض الفرجة نفسها على الرغم مما يرافقها من حدة وتنافس كبيرين إن على أرضية الملعب أو المدرجات . وسيلعب العامل النفسي دورا اساسيا في الحسم في نتيجة اللقاء، ففريق الوداد البيضاوي سيحاول استغلال المعنويات العالية للعبيه وتحقيق انتصار آخر يعزز به مسيرته الموفقة في الدورات الأخيرة مكنته من تعزيز موقعه في الصدارة وبفارق أربع نقاط عن أقرب مطارديه مع مباراة ناقصة أمام المغرب التطواني . وسيدخل مباراة السبت وقد ابتعد عن المنافسة الرسمية لمدة تقترب عن شهر، وهو ما من شأنه أن يؤثر على الخط التصاعدي الذي سلكه متصدر الترتيب حين أنهى المباريات الأربع الأخيرة بنتيجة الانتصار (12 انتصارات في الموسم منها أربع متتالية في الدورات الاربع الأخيرة) . أما فريق الرجاء فسيكون عليه رفع تحد أكبر في ظل الأزمة التي يعاني منها الفريق على مستوى النتائج داخل البطولة المحلية، والتي تفرض عليه الفوز كحل وحيد للخروج من فترة الفراغ التي يمر منها " الشياطين الخضر" بعد بداية موفقة وتزكية النتيجة الإيجابية التي حققها الأسبوع الماضي على كايزر شيفز الجنوب إفريقي 2-0 إيابا بالدارالبيضاء و1-0 ذهابا بجنوب إفريقيا في دوري أبطال إفريقيا الذي حجز فيها بطاقة دور ثمن النهاية. ولاشك في أن الديربي، الذي يتميز بخصوصيات وطقوس مميزة ، وتتحكم فيه جزئيات صغيرة ، سيكون صعبا للطرفين لما تتسم به المواجهات بينهما من حدة وإثارة على جميع المستويات، لكن مع التحلي بالروح الرياضية العالية . ومن شأن هذه المعطيات أن تحفز الفريقين الرجاء والوداد على تقديم طابق كروي راق يليق بسمعتهما كمدرسيتين عريقتين تعتبران قاطرة كرة القدم على المستوى الوطني ، وبالتالي إشباع نهم جمهورهما الرياضي البيضاوي خاصة والمغربي عامة المتعطش إلى الاستمتاع بعروض في المستوى . كما يشكل الديربي مناسبة تستعيد فيه المدرجات دفءها ولوحاتها الفلكلورية الجميلة (تيفويات معبرة ولافتات وأعلام وشعارات ....)، فنجاح الحدث مرتبط بجمهور حضاري ذواق عاشق للفرجة وراسم للاحتفالية بتناسق بديع سيشد عضد الفريقين المتباريين على المستطيل الأخضر. وتميز تاريخ المواجهات بين الفريقين بذكريات لا تمحى، فعلى امتداد الديربيات ال117 السابقة ومنذ أول لقاء جمع بين الفريقين سنة 1957، ظلت لقاءات الوداد والرجاء حدثا استثنائيا مرتقبا يلقي بظلاله على الساحة الرياضية الوطنية ويشكل متنفسا يبدع ويتفنن من خلاله جمهور الفريقين في رسم لوحات مبهرة جديدة ومتجددة تتزين معها مدرجات الملعب بالألوان الحمراء والخضراء وبمختلف أنواع الاحتفالية والتشجيع ما يساهم بشكل وافر في حفاظ الديربي البيضاوي، الذي يستأثر باهتمام المراسلين الرياضيين لكبار وسائل الإعلام الرياضية العربية والإفريقية والعالمية، على مكانته المتوهجة والرائدة. وبشهادة الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) فإن ديربي الدارالبيضاء يعتبر من بين الأفضل في العالم ويشكل أكثر من مباراة رياضية بين اثنين من أكثر الأندية نجاحا في المغرب (فاز الوداد ب11 لقبا للبطولة و9 كؤوس للعرش ولقب واحد في دوري أبطال إفريقيا، فيما فاز الرجاء بلقب البطولة 8 مرات وبكأس العرش 7 مرات وبدوري أبطال إفريقيا 3 مرات وشارك مرتين في أرقى تظاهرة كونية خاصة بالأندية (كأس العالم للأندية 2000 و2013 حيث احتل مركز الوصافة)، الشيء الذي يزيد من الضغط على جميع مكونات العاصمة الاقتصادية للمملكة (سلطات محلية وأمنية وإدارة مسيرة ولاعبون وحكام وجمهور ...) ويحثهم على ضرورة تظافر الجهود والالتفاف من أجل إنجاح هذا العرس الكروي الكبير. ومن شأن عوامل التحكم في الجانب النفسي والعروض الكروية القوية والمستوى التقني والتكتيكي الجيد والتركيز واستغلال أخطاء الفريق المنافس أن تلعب دورا أساسيا في حسم نتيجة اللقاء خاصة وأن فريق "القلعة الخضراء" يمني النفس بتكريس تفوقه في عدد مرات الفوز (35 انتصارا)، في الوقت الذي لن يدخر فريق "القلعة الحمراء" أي جهد لتقليص الفارق من خلال تحقيق فوزه رقم 30، علما بأن الفريقين تعادلا في 54 مباراة والتقيا في 12 مناسبة على مستوى منافسات كأس العرش (تعادلا في مباراتين وفاز كل ناد بخمس مباريات). وإلى جانب الديربي الكلاسيكي يستأثر اللقاء الذي سيجمع المغرب التطواني الخامس (36 نقطة) واتحاد الفتح الرياضي (الثالث برصيد 39 نقطة)بالاهتمام على اعتبار أنه سيشكل اختبارا حقيقيا لقياس مدى إصرار اشبال مدرب فريق اتحاد الفتح وليد الركراكي على التشبث بخيط الأمل لانتزاع المركز الثاني وتعزيز حظوظهم في إحراز أول لقب في مسيرته الرياضية،خاصة وأن أولمبيك خريبكة الثاني ( 41 نقطة) سيحل ضيفا على فريق أولمبيك آسفي في مباراة صعبة ، غير أن أحلام اتحاد الفتح ستصطدم دون شك بالطموح الكبير الذي يحدو فريق مدينة "الحمامة البيضاء" الذي أبلى حتى الآن البلاء الحسن في بطولة هذا الموسم الشيء الذي سيشكل حفزا له للظهور بتطوان بمستوى يليق بالسمعة والنتيجة التي حققها على الصعيد الأفريقي خاصة فوزه الكاسح على فريق كانو بيلارز من نيجيريا 4-0 مع الرأفة في مدينة تطوان . ولن تخلو باقي لقاءات الدورة من عنصر القوة والإثارة خاصة المواجهات التي سيكون طرفا فيها الثنائي المعني بمغادرة قسمة الصفوة، وهو على التوالي الجيش الملكي ( العاشر بمجموع 26 ) والمغرب الفاسي ( العاشر أيضا) الذي استعاد نغمة الفوز بعد سبات طويل، والذي لن يتوانى في العوة بنقاط المباراة كاملة في الوقت الذي سيواجه فيه النهضة البركانية (أحد ثلاثي المركز العاشر) شباب الريف الحسيني في مباراة لا تقبل القسم على اثنين حيت أن الخاسر منها ستقلص حظوظه في البقاء ضمن قسم النخبة.