«ف الصراحة من بعد صدور الكتاب ديالي الأخير ما درت والو وما قريت والو ما كتبت والو. كل ما درت هو أني تفرغت شويا لمراتي وتستاحق أني نتفرغ ليها ونجلس معاها من بعد مدة من الغياب والابتعاد عنها». كان هذا مسك ختام الأمسية الأدبية، التي أحياها الشاعر محمد لواكيرا، أول أمس الثلاثاء بنادي USM بالبيضاء في إطار المقهى الأدبي بحضور ثلة من المثقفين. المناسبة كانت حلقة لنقاش الحقل الأدبي المغربي، وقراءة مستفيضة في آخر إصدار باللغة الفرنسية لهذا الشاعر المراكشي، والذي يحمل عنوان «Confidences d›automne». الواكيرا صاحب جائزة الأطلس الكبير المغرب للسنة الماضية. في إصداره يعود الشاعر لينبش في ذاكرته. سبعة فصول من دون عناوين، تحيل على عالم الشاعر الروحي والمادي. ومنه يختار لوكيرا التمرد على اللغة التقليدية. العمل مزيج بين السكون والليل والصمت. استعادة لأحلام الشاب ذي العشرين ربيعا ومن خلالها انكسارات مرحلة من حياة شابتها أحداث كثيرة تسرد لمغرب سنوات الرصاص شكلت ولازالت جرحا غائرا في تاريخ المغرب الحديث. الجلسة الأدبية التي يفتتح من خلالها أصدقاء المقهى الأدبي موسمهم الشعري لهذا العام بالاحتفاء بهذا الشاعر المغربي، الذي أثرى الخزانة المغربية والعالمية بأعماله. كانت فرصة للتداول في أهم ما جاء في الإصدار الأخير للواكيرا. وقد استهلت الجلسة الأدبية بقراءة في بعض صفحات هذا الكتاب. ثم تلا ذلك طرح مجموعة من الأسئلة حول مواضيع كثيرة ومتنوعة. مواضيع شملت مختلف المجالات من سياسة وأدب ولسانيات وغيرها. وفي سؤال حول الحراك الذي تشهده المنطقة العربية، أجاب لواكيرا على أن الحراك الذي شمل المنطقة العربية يعتبر مرحلة ثانية في حراك كان عرفته المجتمعات العربية خلال سبعينيات القرن الماضي. وعرج لواكيرا على النموذج المغربي، حين اعتبر أن ما يعيشه المغرب اليوم يشبه إلى حد كبير ما كان عرفه خلال فترة سنوات السبيعينينات مع اختلاف في الظروف والتغيرات التي تحصل اليوم. كما اعتبر الشاعر أن المغرب ضيع الفرصة خلال هذه الفترة في تحقيق قفزة نوعية نحو مزيد من الانفتاح. كما أشار إلى أن المغرب سيكون استثناء بالفعل في المنطقة من خلال مزيد من الانفتاح والإنصات لنبض الشارع للتقدم نحو الأمام. على مستوى اللغة الشعرية للأديب، يقول لواكيرا على أن كل التعابير التي تمكن من إيصال الأفكار للآخر، فهي محببة ومهمة. ويضيف أن اللغة هي أداة للتواصل، وتعبير عن كينونة الإنسان ووجوده. وهي تعبير عن صوت ورأي ومجموعة أفكار تساهم بطريقة أو بأخرى في خلق دينامية داخل المجتمع. كما أبرز الشاعر أنه بدأ ينهج مبدأ الكتابة الثلاثية من خلال مزجه في أعماله القادمة بين الدارجة المغربية، والعربية الفصحى، وكذا الفرنسية. وأشار الشاعر إلى أنه يؤمن بمسألة مهمة في العلاقة الموجودة بين مختلف هذه اللغات، مؤكدا على أن الزجل أو اللغة الدارجة يفضلها مسموعة من خلال الإلقاء. لماذا؟ لأنه يعتبر ببساطة أنها تفقد قيمتها وقوتها في الوصول بسلاسة حين تلتقي كتابيا مع اللغة العربية الفصحى. وهو الرأي الذي خالفه بعض الحضور. لواكيرا لم يفته التأكيد على أن اللغة يجب أن تنتهك وتعنف حتى تعطي منتوجا أدبيا راقيا. وهو ما أشار إليه حين اعتبر أن هذه الخصوصية قائمة في الأدب الفرنسي، حيث تميز الكتاب الفرانكوفونيين، الذين يتعاملون بسلاسة مع اللغة. في حين أن الكتاب العرب يتعاملون بحذر مع اللغة ما يجعل إبداعاتهم ضعيفة إلى حد ما. ولكي يكون لنا كتاب حقيقيين في اللغة العربية، يقر الشاعر بوجوب تغيير الموقف من قدسية اللغة. وعن الطريقة التي يتبعها الشاعر في بلورة أفكاره و أحاسيسه لتتحول إلى أبيات شعرية، فقد كان لواكيرا عمليا. حيث اعتبر أنه لا يؤمن بالإلهام والحدس، وإنما يؤمن بالعمل، معتبرا أن الكتابة رغبة وإرادة شخصية سلاحها التمرد على اللغة وتخطي حدودها وانتهاكها حتى تخرج منها تعبيرات جمالية.