استراتيجية المغرب لتحسين حجم صادراته إلى الخارج تسير وفق الطريق الذي رسمت له، فيما مشتريات البلد من الخارج لا تنفك أن تتزايد شهرا بعد الآخر. وبما أن صادرات البلد لا تقو على مسايرة نفس إيقاع وارداتنا، فقد بدا أمرا عاديا أن يتفاقم من جديد عجز الميزان التجاري. بدا واضحا منذ بداية العام الحالي بأن العجز الهيكلي الذي يجثم على أنفاس الميزان التجاري سيتواصل. فتركيبة صادرات المغرب لا تتغير، حتى أن تنافسية منتوجاتنا لا تبرح مكانها، فيما مشتريات البلد تشهد تفاقما واضحا. المغرب بلد فقير من حيث موارده الطبيعية يجد نفسه في كل مرة تصعد فيها أسعار النفط إلى مستويات قياسية أمام ارتفاع كبير لفاتورته الطاقية، ناهيك عن حاجته الدائمة إلى القمح، غير مستقر الأسعار بدوره، للاستجابة لحاجيات الاستهلاك الداخلية. في هذا الوقت تواصل النسق ذاته خلال بداية العام الحالي، فعجز الميزان التجاري تفاقم من جديد، رغم المجهودات التي يبذلها الفوسفاط لتجنيب البلد كوارث تجارية حقيقية. مشتريات المغرب من المواد الطاقية ارتفعت إلى متم شتنبر الماضي إلى أزيد من 68,6 مليار درهم، بزيادة بلغت نسبتها 38,1 في المائة بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، الذي بلغت خلاله قيمة واردات المغرب من هذه المواد ما يعادل 49,7 مليار درهم. النفط الذي يشكل العنصر الأساس في هذا الباب، رفع منه البلد مشترياته خلال الفترة المذكورة إلى حدود 23,1 مليار درهم، مقابل 18,5 مليار درهم سنة قبل ذلك. أسعار النفط بالسوق الدولي شهدت في الفترة الأخيرة ارتفاعا متواصلا، حيث انتقل سعر شراء النفط من قبل المغرب، من حوالي 4691 درهم للطن الواحد، إلى حدود 6181 درهما للطن حاليا. أما في الجانب الآخر فقد تحسنت مبيعات الفوسفاط المغربي ومشتقاته بدورها إلى متم شتنبر الماضي، حسب إحصائيات أولية نشرها مكتب الصرف، إلى أزيد من 26 مليار درهم، أي بزيادة بلغت نسبتها 30,5 في المائة بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، حيث سجلت خلاله هذه المبيعات رقما في حدود 19,9 مليار درهم. وضع ساهم، حسب المصدر ذاته، في تفاقم عجز الميزان التجاري إلى متم شتنبر الماضي إلى حدود 138 مليار درهم، بزيادة بلغت قيمتها 26,5 مليار درهم بالمقارنة مع العام الماضي، إذ لم يتجاوز عجز الميزان التجاري في هذه الفترة ما يناهز 111,4 مليار درهم. في هذا الوقت تبدو حلول تجاوز هذا الإشكال بادية في رفع تنافسية المنتوج المغربي، والتركيز على منتجات بقيمة تضاهي حجم مشتريات البلد، أملا في تغطية العجز الحاصل. فالضرورة اليوم تقتضي الإسراع بمعالجة مكامن الهشاشة البنيوية التي ازدادت حدتها بفعل الأزمة العالمية. في هذا الصدد، يوصي عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب من خلال أحد تقاريره السنوية، بضرورة التصدي على وجه الخصوص لإشكالية الخلل الذي يعرفه الحساب الجاري لميزان الأداءات، من خلال تقليل تركيز الصادرات على منتجات ذات حمولة تكنولوجية ضعيفة وعلى أسواق ذات إمكانيات نمو محدودة. فهل تقو المقاولات المصدرة على ابتكار هذه المنتوجات المغربية؟ مكتب الصرف قال إن صادرات المغرب شهدت تطورا ملموسا خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي، لتستقر في حدود 125,5 مليار درهم، بارتفاع بلغت نسبته 16,7 في المائة بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، والذي استقرت خلاله صادرات المغرب في حدود 107,6 مليار درهم. في الجانب الآخر ارتفعت مشتريات المغرب بدورها إلى متم شتنبر الماضي لتستقر في حدود 263,5 مليار درهم، بزيادة بلغت قيمتها 44,5 مليار درهم بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي. وظهرت واردات المغرب خارج مشترياته من النفط الأهم تأثيرا في الميزان التجاري، بعدما سجلت واردات المغرب من القمح ارتفاعا ملموسا لتستقر في حدود 7,07 مليارات درهم، مقابل 4,01 مليار درهم في العام الماضي، وذلك نتيجة ارتفاع الأسعار بالسوق الدولي، حيث انتقلت من 2000 درهما للطن الواحد إلى حدود 3026 درهما للطن الواحد حاليا. من جانبها تحسنت تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج إلى متم شتنبر الماضي، لتستقر في حدود 44,09 مليار درهم بزيادة بلغت نسبتها 8,2 في المائة بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، علما أنها لم تتجاوز خلال هذه الفترة حدود 40,7 مليار درهم. وعلى نفس المنوال سارت عائدات المغرب من السياحة، حيث ارتفعت مداخيل البلد من السفر إلى ما يعادل 45 مليار درهم، بزيادة بلغت نسبتها 5,3 في المائة بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي.