بين مد الصراعات الانتخابية، وجزرشراء ذمم الناخبين الكبار، وجد رئيس جماعة سيدي عبد المومن بإقليم شيشاوة، وثمانية مستشارين من أغلبيته، أنفسهم مهددين باستضافتهم بأحد سجون المملكة الشريفة على امتداد شهرين كاملين، مع الحرمان من ممارسة لعبتهم المفضلة في الترشح طيلة ولايتين انتخابيتين. فلم يكتب لحمامة الأحرار أن تحلق بعيدا في سماء رئاسة الجماعة المذكورة، حين قضت غرفة الجنح التلبسية بابتدائية إيمنتانوت بتاريخ 10 ماي الجاري، بإدانة الرئيس التجمعي بشهرين حبسا نافذا وغرامة 5000 درهم، مع حرمانه من الترشح طيلة فترتين انتخابيتين،بعد ثبوت تورطه في شراء ذمم بعض مستشاري الجماعة قصد التصويت عليه، في سباقه للظفر بمنصب الرئاسة، كما قضت الهيئة ذاتها بإدانة ثمانية مستشارين من الأغلبية بالعقوبة ذاتها. وقد بدأت فصول الواقعة، مع تقدم مبارك واخا أحد مستشاري المجلس، والمنافس الرئيسي على كرسي الرئاسة، بشكاية إلى الوكيل العام باستئنافية مراكش، ضد الرئيس المنتخب على رأس جماعة سيدي عبد المومن، قيادة تاولوكت دائرة امتوكة بإقليم شيشاوة، يتهمه من خلالها بالتورط في الإفساد الانتخابي، واستعمال المال للوصول إلى مبتغاه في تبوؤ منصب الرئاسة. وحسب شكاية المستشار المومأ إليه، فقد تمكن الرئيس المنتخب من الظفر بمنصبه،عبر استعمال تبرعات نقدية مزجية، راود بها بعض مستشاري المجلس، قصد دفعهم إلى التصويت عليه، وانتخابه على رأس الجماعة، كما لجأ وحتى يضمن وفاءهم والتزامهم بتعهداتهم المدبرة بليل، إلى إرغامهم على توقيع كمبيالات بمبالغ مالية تفوق 300.000.00 درهم، كدين في ذمتهم، واستعمالها كأوراق ضغط في حال تراجعهم عن الاتفاق المبرم بينهم. وحتى تتسع مساحة العبث الانتخابي- يضيف المشتكي- فقد قام الرئيس المتهم بتهريب المستشارين الثمانية المتهمين، صوب وجهة مجهولة، أثناء الاستعداد لتشكيل المكتب المسير للجماعة، ولم يمكنهم من الظهور أمام كتلتهم الناخبة ،إلا خلال جلسة التصويت. وحتى يؤكد المشتكي كل اتهاماته المذكورة، فقد دعم شكايته بنسخ من سجلات تثبيت وتصحيح الإمضاء، تحت أرقام تسلسلية تمتد من681إلى 688، تؤكد توقيع كمبيالات من طرف المستشارين الثمانية المتهمين، تم توقيعها بتاريخ11/06/2009 ، أي على بعد ثلاثة أيام من إجراء عملية تشكيل المكتب المسير للجماعة. ومباشرة بعد توصلها بكل هذه المعطيات، قامت النيابة العامة باستئنافية مراكش، بإحالة الملف على المحكمة الابتدائية بإيمنتانوت، والتي تدخل جماعة سيدي عبد المومن ضمن نفوذها الترابي، قصد تحريك الدعوى العمومية في حق المتهمين، طبقا لما تنص عليه مقتضيات الفصل100 من مدونة الانتخابات. وبعد سلسلة جلسات ماراطونية، ثبت لهيئة الحكم بأن عملية انتخاب محمد انظام على رأس جماعة سيدي عبد المومن، قد شابتها مناورات تدليسية ومخالفات صارخة للقوانين المنظمة للمجال، ويضرب في الصميم شرعية المؤسسات المنتخبة، ليأتي بعدها الحكم بإدانة جميع المتورطين في العملية بعقوبة سالبة للحريات، وغرامة مادية، مع الحرمان من حق الترشيح طيلة فترتين انتخابيتين. وبذلك يكون القضاء المغربي، قد عمل مرة أخرى على تصحيح ما أفسدته أيادي بعض المنتخبين، عبر التصدي لعملية إفساد انتخابي، لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، بالنظر لطبيعة الممارسة الانتخابية بهذا البلد الأمين.