«فرحان بهاد اللحظة لأنه أول مرة تنحضر في عرض تيجيو ليه عائلات وشيوخ وعيالات كبار» يعلق المخرج داوود ولاد السيد على عرض فيلمه السينمائي «الجامع» بالمركب الثقافي مولاي رشيد. العرض اندرج في سياق تكريمه رفقة الممثل عبد الله فركوس والفنان المقتدر عبد الجبار لوزير من طرف النادي السينمائي لسيدي عثمان. القاعة امتلأت عن آخرها، نساء تقدم بهن السن حضرن رفقة بنتاهن وأحفادهن، عائلات بكاملها، شبان وشابات حضروا لمشاهدة فيلم «الجامع». الفيلم حصد جوائز عديدة بمهرجانات دولية، لكنه لم ينل حظه من شباك التذاكر حسب تصريح المخرج نفسه. «للأسف رغم المجهود المبذول في الفيلم، رغم قيمته الفنية وما نال من جوائز في عديد مهرجانات. لم يحقق إقبالا كبيرا من طرف الجمهور». قبل عرض الفيلم طلب رئيس النادي السينمائي عبد الحق مبشور من الحاضرين قراءة الفاتحة ترحما على روح الفنانين الكبيرين، أب المواهب «عبد النبي الجيراري»، وفارس المسرح «مصطفى سلمات»، وقدم ربورطاجا قصيرا، ولف بين مشاهد من آخر ظهور تلفري لهما على شاشة القناة الثانية، عبد النبي الجيراري في النسخة ما قبل الأخيرة من برنامج «استوديو دوزيم»، بعد تغييب طويل، أطل على المشاهدين بالبرايم النهائي، ومصطفى سلمات، حينما كرمه برنامج «مسار» لعتيق بن شيكر بحضور رفيق دربه المسرحي الطيب الصديقي. قبل عرض الفيلم، جرت مراسيم تكريم المخرج داوود ولاد السيد، والممثل عبد الله فركوس، وتعدز حضور الفنان المقتدر عبد الجبار لوزير لظروف صحية حالت دون قدرته على التحرك. عبد الله فركوس استرجع أثناء كلمته لحظات مضيئة من عروض مسرحية، أحياها على خشبة مسرح مولاي رشيد، كانت كلها ناجحة، وعبر عن سعادته بهذا الاحتفاء من طرف العاصمة الاقتصادية « جل الجمهور ديالي من مدينة الدارالبيضاء وأول المكالمات لي تنلقى مباشرة بعد عرض أول عمل تكون من البيضاويين، نشكر مرة أخرى النادي السنمائي في شخص عبد الحق مبشور على أنهم تفكرونا...» وصفة المخرج داوود ولاد السيد السينمائية لا تعقيد فيها ولا تفلسف، يجملها في كلمة واحدة البساطة. يقتنص قصته من وحي حياة ومعيش الناس، يدخلها إلى مختبره، ويضيف إليها جرعات خيال، هذا التفاعل الكيميائي ينتج معادلة سينمائية، تتشكل مقوماتها الأساس من تمغربيت والاحتفاء بالصورة. فيلم «الجامع» نموذج لفلسفة داوود السينمائية، قصة التقطها من الواقع، نفخ فيها روحا تخييلية وكانت النتيجة فيلما بسيطا وعاديا في حكايته، لكنه عميق في مضمونه، وما يطرحه من إشكاليات. القصة بطلها مسجد جرى بناؤه كديكور أثناء تصوير الفيلم السابق لداوود ولاد السيد «في انتظار بازوليني»، لكن سكان القرية حولوه إلى مسجد حقيقي يؤمون إليه في أوقات الصلاة، كل الديكور آل مصيره إلى الهدم إلا ا المسجد، موحا ( شخص دور عبد الهادي توهراش يجر وراءه أربعة عقود من المسرح) الذي اكترى أرضه ليشيد عليها ديكور الجامع سيجدنفسه بدون أرض ووسط صراع كبير مع السلطة ممثلة في المقدم ومع إمام المسجد في معركة استرجاع أرضه الفلاحية باعتبارها مورد رزقه الوحيد، لكنه عبثا كان يحاول، كل محاولاته بما فيها الهدم باءت بالفشل، الجميع احتشد ضده لتكون نهايته مصيرا مجهولا تركه المخرج مفتوحا على قراءات متعددة أمام المشاهد.