طرحت ندوة علمية نظمت، أمس الجمعة، بالرباط للنقاش إشكالية عقوبة الإعدام وعلاقتها بالظاهرة الإرهابية من زوايا قانونية وإنسانية مختلفة، تستند على ضرورة اعتبار الحق في الحياة حقا مقدسا لا يجب المساس به، مهما كانت الدواعي والذرائع، وفي نفس الوقت عدم المساس بحقوق الضحايا وحماية الأشخاص والممتلكات وضمان حقهم في العيش الكريم. ففي الوقت الذي رأى فيه بعض المتدخلين في هذه الندوة، التي نظمها الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، حول موضوع "الإرهاب وعقوبة الإعدام"، في إطار جمعه العام، المنظم على مدى يومين تحت شعار "عقوبة الإعدام .. انتقام ومس بالكرامة"، أن الحق في الحياة حق مقدس وهو أول حق من حقوق الإنسان، رأى متدخلون آخرون أن إلغاء هذه العقوبة يتعين أن لا يشمل كافة الجرائم، على اعتبار أن معالجة الظاهرة الإرهابية من قبل السلطات المختصة تستدعي، في الآن نفسه، ضمان حقوق الضحايا، وحقهم في الحياة لكونه أسمى حقوق الإنسان. وفي هذا الصدد، تساءل جعفر العلوي، وهو أستاذ جامعي، عن ماهية وجدوى الإبقاء على عقوبة الإعدام، اعتبارا لغياب أثرها الردعي في مكافحة الجرائم والحد من تفاقمها في المجتمع، مبرزا أن إلغاء هذه العقوبة ووقف تنفيذها ليس له أي صلة بارتفاع معدلات الجريمة، لكون الظاهرة الإجرامية، والإرهابية تحديدا، مرتبطة بجوانب ومحددات أخرى يتداخل فيها المعطى الاجتماعي بالبعدين السياسي والاقتصادي. وأشار إلى أن إلغاء عقوبة الإعدام ليست له أي علاقة بتنامي الخطر الإرهابي، لكون التشريعات الجنائية تتوفر على ما يكفي من المقتضيات القانونية المناسبة لضمان المحاكمة العادلة للمتورطين في جرائم إرهابية. من جانبه، اعتبر نائب وكيل الملك بمحكمة الاستئناف بالرباط، خالد كردودي، في مداخلته، أنه إذا كانت عقوبة الإعدام تشكل انتهاكا سافرا للحق في الحياة، وتتعارض مع مبادئ وقيم حقوق الإنسان، لكونها تمثل عملية قتل باسم القانون، فإن آفة الإرهاب بدورها تتعارض مع حق المواطن في الحياة والعيش في توافق وتسامح، مؤكدا أن التفكير يجب أن ينصب أولا حول مراعاة حقوق ضحايا الخطر الإرهابي وضمان حقهم في العيش. لذلك يرى كردودي أن إلغاء هذه العقوبة يتعين أن يشمل جرائم محددة وليس كافة الجرائم، مبرزا أن المشرع المغربي أحاط عقوبة الإعدام بضمانات تتناسب مع خطورتها وتضمن للمحكوم عليهم بهذه العقوبة شروط المحاكمة العادلة الرامية إلى مؤازرة المتهم بمحام ولو عن طريق المساعدة القضائية، وإقرار مبدأ البراءة هي الأصل، وقابلية الأحكام الجنائية للطعن. وفي نهاية هذه الجلسة، التي أدارتها الأستاذة نزهة العلوي (محامية)، استمع الحاضرون لشهادتين قدمتها السيدتان شنتال أنغلاد مديرة الجمعية الفرنسية لضحايا الإرهاب، وسعاد بكدوري الخمال رئيسة الجمعية المغربية لضحايا الإرهاب، تطرقتا خلالهما إلى المأساة التي لا تزال ترخي بظلالها على المعيش اليومي لضحايا الأعمال الإرهابية، ومعاناتهم المستمرة من جرح غائر لا يزال حاضرا في وجدانهم بسبب فقدان أقاربهم في أعمال إرهابية مقيتة. يشار إلى أن الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام تأسس على هامش الندوة الدولية حول عقوبة الإعدام، التي نظمها المرصد المغربي للسجون في شهر أكتوبر 2003، كآلية وطنية لتنسيق الجهود بين المدافعين عن حقوق الإنسان بهدف حماية الحق في الحياة وإلغاء عقوبة الإعدام.