ظلوا يستغلون مياه السقي في ري حقولهم بطريقتهم الخاصة، وفق أعراف جُبلوا عليها في القرية منذ عقود كثيرة، كما ظلوا يستغلون مسلك طريق محلي في التنقل لقضاء مآربهم الخاصة، من دون أن يعترض سبيلهم أي أحد... لكن هذه الأعراف المنظمة لحياتهم البسيطة سرعان ما انتُهكت بتدخل السلطة المحلية عندما رغبت في إعادة توزيع مياه السقي بين فلاحي المنطقة، وسعت إلى تحويل مسار الطريق التي تربط القرية بأقرب مركز حضري. لم يرض سكان قرية «آيت ولال بيطيط» أن يبقوا صامتين طائعين حيال تدخل السلطة في شؤون حياتهم الخاصة، لذلك قرروا الخروج منذ نهاية الأسبوع الجاري للاحتجاج على ما اعتبروه «تجاوزات السلطة»، والمطالبة ب «رفع الحيف عنهم، بسبب مظاهر التهميش التي يعانون ويلاتها منذ سنوات بعيدة». السكان المحتجون نظموا اعتصاما وسط الطريق وعرقلوا حركة المرور ومنعوا شاحنات تابعة لإحدى شركات بناء الطرق من الوصول إلى مقالع الرمال التي تشتهر بها المنطقة، وهو ما رأت فيه السلطة «تجاوزا وعصيانا من قبل هؤلاء السكان»، ما دفع أعوان السلطة وعناصر الدرك والقوات المساعدة إلى التدخل من أجل فك هذا الاعتصام، لكن هذا التدخل سرعان ما تحول إلى مواجهة مفتوحة بين السكان والقوات العمومية، أسفر عن إصابة شخصين واعتقال خمسة آخرين من أبناء القرية. مصادر من قرية «أيت ولال بيطيط» التابعة لمنطقة عين تاوجطات بإقليم الحاجب، قالت في اتصالات بالجريدة، إن تدخل السلطة المحلية في حق السكان كان «مُذلا، ولم يراع حرمة الأطفال ولا النساء»، بعد أن اعتبرتهم «محرضين ومذنبين» في مواجهتهم للسلطة المحلية. تدخل الدرك والقوات المساعدة تحت إشراف قائد دائرة عين تاوجطات، حسب مسؤول في السلطة المحلية، كان الغرض منه هو «فك اعتصام السكان المحتجين بطرق حبية، لكي لا يواصلوا عرقلتهم لحركة السير على الطريق العام»... لكن مناوشات وقعت بين السكان والقوات العمومية بعد قيام القائد، حسب أحد المحتجين، باستفزاز المواطنين، فتعرض هذا المسؤول للضرب على يد مجموعة منهم وتطورت الأمور إلى مواجهات بين السكان والقوات المساعدة. وسبق لسكان المنطقة أن نظموا العديد من الأشكال الاحتجاجية والاعتصامات للمطالبة ب «رفع الغبن عنهم وفك العزلة عن قريتهم»، ووقعوا عريضة احتجاجية تحمل توقيعات السكان موجهة إلى عامل إقليم الحاجب. ووعدت السلطة السكان بإصلاح الطريق وتنظيم عمليات الري، بالإضافة إلى تعهدات من قبل مستغلي المقالع المتواجدة في المنطقة، بإصلاح الطريق الوحيدة التي تربط القرية بمركز عين تاوجطات، على إثر الأضرار التي لحقت بها بسبب استغلالها من قبل شاحنات وآلات ضخمة. ويوجد المعتقلون الخمسة، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 26 و40 سنة، رهن الاعتقال الاحتياطي، بعد التحقيق الأولي معهم بمركز الدرك الملكي، في انتظار إحالتهم على أنظار النيابة العامة بمكناس.