محظوران اثنان تفرض سلامتنا وسلامة بلادنا الحرص على عدم السقوط فيهما عندما يتم الإعلان عن تفكيك شبكة إرهابية، أو عن اعتقال شخص يشتبه في قيامه بنشاط إرهابي؛ الأمر الأول هو اللامبالاة والتعامل مع أخبار الأحداث الإرهابية مثلما نتعامل مع أخبار حوادث السير التي أصبحت تلازم معيشنا اليومي، إلى درجة أننا نتصرف تجاهها وكأن ما حدث لا يعنينا، وأن هذه المصائب لا تلحق إلا بالآخرين وقلما نلتفت إلى هول الصدمة التي تصيب الضحايا وأقاربهم . إن حوادث السير لا تؤدي إلى زعزعة استقرار الوطن، ولا تقترفها أيادي واعية بعد تخطيط مسبق، بحثا عن إحداث أكبر عدد من الضحايا البشرية البريئة، ولا تتوخى تحقيق أهداف سياسية وإديولوجية. لا يمكن التعامل مع الإرهاب وكأنه أحداث يمكن أن يألف المرء وقوعها، ويتعايش معها، أو أنها قضاء وقدر لا مفر منهما. الأمر الثاني يتجلى في تصرفات بعض الجهات التي تشكك في صحة الأخبار الصادرة عن مصالح الأمن المختصة، دون أن تكون لها إمكانية التحقيق والتقصي، أو متوفرة على الأدلة والحجج التي تثبت شكوكها. وقد يذهب بعضها إلى حد اتهام الدولة باختلاق أحداث إرهابية لخدمة أجندتها السياسية، مما يشكك في حسن نواياها. لقد سمعنا كلاما ينحو هذا المنحى حول أحداث 2003 الارهابية، وتفجير «أركانة»...الخ. سلوك اللامبالاة والاستهانة قد يساهم في خفض درجة اليقظة، بل قد يؤدي إلى تعطيلها، وبالتالي يشكل مناخا يستغله الإرهابيون لتوسيع نشاطهم التنظيمي وتكثيف التحضير لمخططاتهم، أما التشكيك ونظرية المؤامرة فإنهما لا يقلان خطورة عن العمليات الإرهابية نفسها، إذ يكشفان عن وجود مشاعر التعاطف مع التطرف الديني المؤدي إلى العنف الارهابي لدى هؤلاء المشككين وأصحاب نظرية المؤامرة، والإعجاب برموزه وقادته، وتقبل أطروحاته. وهذا سلوك وجب عدم تجاهله، أو التساهل معه.