لم تفلح كل الطرق التي سلكها والدا هذين المراهقين في إرجاعهما عن الطريق التي انتهجاها والحيلولة دون استمرارهما فيها قبل أن تتحول «الضسارة» إلى انحراف وإجرام قد يقود المراهقين إلى جحيم. فما كان من الأبوين سوى الاستعانة بالشرطة لتأديب ابنيهما وردعهما.. بعد أن فشلت الوسائل التربوية في ذلك... ساءت حالتها النفسية، وعيل صبرها من تصرفات ابنها المراهق اللامسؤولة. لم تعد تعرف الطريقة التي يمكن أن تتعامل بها معه، لأنها استنفذت كل الوسائل التي تعرفها كأم ومربية. لقد كان الابن مصرا على الاستمرار في حياة العبث واللهو التي سار فيها. أصبح الابن ذو السادسة عشر سنة عنيفا جدا بعد أن غادر مقاعد الدراسة وأصبح يقضي يومه في التسكع بين الأزقة مع رفاق السوء الذين تعلم منهم الكثير من السلوكات السيئة. أرادت تأديبه فتم سجنه أصبح كريم يتعاطى المخدرات ويدخن السجائر، وبدأ يطالب والدته يوميا بمبلغ خمسين درهما لتوفير حاجياته منها، وهو الشيء الذي لم يكن سهلا بالنسبة للأم التي كانت تصارع من أجل توفير ضروريات العيش لأربعة أطفال، وتتحمل كاكل مسؤوليتهم بعد وفاة زوجها. تغيرت الطريقة التي يتعامل بها الإبن مع والدته، ولم تعد تستطيع السيطرة عليه، فقد أصبح يمضي في الشارع وقتا أكثر مما يمضيه بالبيت، الذي لا يعود إليه إلا متأخرا جدا في حالة مزرية فاقدا الوعي نتيجة المخدرات التي يتعاطاها. جربت الأم مع ابنها جميع الطرق ليستعيد صوابه، إلا أنها فشلت في ذلك. حاولت التقرب منه وفهمه، واحتواء الوضع قبل أن يتفاقم، وإعادته إلى الحالة الأولى التي كان عليها، لكن دون جدوى. تحول رفض الأم لطلبات ابنها المادية إلى سبب كاف ليعتدي عليها ويوجه لها كلاما نابيا تستحي الآذان من سماعه، قبل أن يخرج إلى الشارع ويفتعل المشاكل مع الجيران، الذين يلومونها على سوء تربيته. بعد أن فشلت كل محاولات الأم الودية في ثني الإبن عن تصرفاته، قررت عدم إمداده بالمال، مما حوله إلى شخص أكثر عنفا من ذي قبل، فأصبح يعنف والدته التي كرست حياتها من أجله إذا لم تنفذ طلباته. نفذت الوسائل من جعبة الأم، وأصبح خوفها من ارتكاب ابنها لجريمة في حقها كبيرا، ولم تجد أمامها غير الاستنجاد بالشرطة علها تجد عندها الحل الأمثل لردع ابنها. توجهت الأم إلى مركز الأمن طالبة العون منهم لإخافته، عله يتراجع بعض الشيء عما يقوم به. تم القبض على الإبن وإبلاغه بأن والدته قدمت شكاية في حقه تتهمه فيها بالتعرض لها وتهديدها بالاغتصاب. كانت الأم تريد تخويف الابن عله يتراجع عن سلوكاته المشينة. لكن الغريب في الأمر أن المراهق الذي تم القبض عليه، كان من المبحوث عنهم في العديد من عمليات السرقة التي اعترف بها في نهاية المطاف عندما تعرض للاستنطاق من طرف الشرطة، ليتم حبسه والحكم عليه بالسجن. اليوم، بالرغم من تخلص الأم من تهديدات ابنها، والمشاكل التي كان يسببها لها، إلا أن مشاعر الأمومة لم تفارقها بعد ومباشرة بعد اكتشاف تورطه في العديد من القضايا بدأ ضميرها في تأنيبها، لما أقدمت عليه. الشرطة آخر الحلول استنفذ معه كل الحلول الممكنة، واستعان في ذلك بطبيب نفسي للتعرف على الطريقة المثلى التي يمكن أن يكسب بها ابنه المراهق الذي بدأت تظهر عليه سلوكات لم يعهدها الأب من قبل. بدأ الإبن شيئا فشيئا يتغيب عن المدرسة، وتراجعت نتائجه الدراسية فجأة، دون سابق إنذار، وتحول إلى طفل مشاغب داخل الفصل الشيء الذي يدفع مدرسيه إلى طرده خارجه، لتجنب شغبه، هذا الشغب الذي يمتد إلى البيت والشارع الذي يوجد به سكنه. لم يعد الأب يتحمل تصرفات ابنه غير المسؤولة. فبالإضافة إلى الشغب بدأ يسرق هواتف والديه والأموال التي تضعها الأقدار في طريقه، وهو الأمر الذي أثار استغراب الأب، الذي كانت ردة فعله في البداية عنيفة على سلوكات الإبن المراهق، لكنه فيما بعد حاول بكل الطرق تقريبه منه ومعرفة السبب الذي يدفعه إلى السرقة. ينحدر الابن ينحدر من عائلة ميسورة بل وذات مستوى اجتماعي واثقافي عال، حيث يشغل الأبوان مراكز مهمة اجتماعيا تمكنهما من توفير كل متطلبات الإبن، الذي لم يكن مضطرا للجوء للسرقة، من أجل تلبية احتياجاته الخاصة. قام الأب بعرض ابنه على طبيب نفسي من أجل مساعدته على إيجاد طريقة للتعامل معه ومعرفة السبب الحقيقي وراء قيامه بمثل هذه السلوكات التي لم يألفها فيه.. للأسف لم ينفع لجوء الأسرة للطبيب النفسي في حل المشكل القائم بين الأب وابنه لذلك فكر الأب في الاستعانة بالشرطة لتخويف الإبن وثنيه عن الاستمرار في طريق الانحراف قبل أن يتحول إلى مجرم محترف وينساق وراء أفكار المراهقة التي تراوده. تم اقتياد الإبن إلى مركز الشرطة حيث تم التعامل معه بنوع من العنف لتخويفه، أسلوب آتى أكله بعد أن فشلت كل الطرق السلمية في ثنيه عن المضي في الطريق التي يسلكها.. مجيدة أبو الخيرات