هرم آخر من أهرام الأغنية المغربية ينتقل إلى عفو الله ، الأ مر يتعلق بأحد رواد فن الملحون في المملكة ، إنه المرحوم الحاج محمد بوزوبع الذي وافته المنية صباح يوم الأربعاء 21 يناير 2015 ،عن عمر يناهز 76 سنة ، وذلك بعد صراع مرير مع المرض لم يشفع مع علاج . وفي موكب جنائزي مهيب ووري الثرى جثمان المرحوم عشية الأربعاء بمقبرة ( القبب ) بفاس. وحضر مراسيم تشييع جنازة الفقيد العديد من الفنانين والمعلمين وشيوخ فن الملحون إلى جانب مجموعة من المعارف والأصدقاء وعموم محبي الفنان الراحل في لحظة وداع مؤثرة . وخيمت أجواء الحزن والأسى بين مشيعي هذا الفنان الذي ساهم في تجديد فن الملحون من خلال إضافات إبداعية ستظل حاضرة في ذاكرة كل عشاق هذا الفن الأصيل، وكذا في أوساط أعضاء جوف فن الملحون بإذاعة فاس الجهوية الذي كان الراحل يرأسه . وكان المشهد مؤثرا وكل هؤلاء يتبادلون في الجنازة العزاء في فقدانهم لأحد رجالات فن الملحون والتراث العيساوي باعتباره ظل طوال العقود الماضية يتربع على مشيخة هذا اللون الفني وضمن استمراريته بين الأجيال المتعاقبة . وأشاد العديد من الفنانين والمهتمين والباحثين في الفنون التراثية بالفنان المبدع الحاج محمد بوزوبع مستحضرين عطاءاته وإسهاماته في إشعاع فن الملحون من خلال أعمال فنية جدد من خلالها مرتكزات هذا الفن كما حافظ على أصوله المتمثلة في الموروث الملحوني الذي خلفه الشيوخ الكبار . وكانت علامات الأسى والحزن بادية على كل من سار جنازة المرحوم اعتبارا لكونه أحد رجالات المشهد الفني المغربي في شقه التراثي المتعلق بفن الملحون ومدح الرسول الكريم والتراث العيساوي، وعلما من أعلام هذا الفن الملحون الذي كان له الدور الكبير في الحفاظ على أصالته وعلى قيمه وإشعاعه . وتحدث الشيخ عبد المالك اليوبي، الذي يعد أحد أكبر نظام فن الملحون الأحياء بالمغرب، أن الراحل استطاع أن يؤدي مجموعة من القصائد التي نظمها له بطريقة متفردة وبرع فيها لأنه كان يمتلك ناصية اللغة ويجيد التنويع في الأداء، يساعده في كل هذا صوته الصافي وتحكمه في طبقاته . وأوضح أن الفنان الراحل قام بأداء وتسجيل ما يربو عن 120 قصيدة من فن الملحون نظمها له، وتنوعت مواضيعها ما بين العشق والمدح والمناسبات والأعياد الدينية والوطنية إلى جانب قصائد في مدح الرسول الكريم وفي التراث العيساوي وغيرها .. ويعتبر الراحل محمد بوزوبع أحد أهم رجالات فن الملحون الكبار بالمغرب باعتبار مساهماته في إثراء هذا اللون الفني الأصيل وضمان استمراريته في ساحة هبت عليها رياح التغيير والتغريب من كل جانب . وساهم الفقيد، الذي ولد بفاس سنة 1939 ، من خلال أعماله الفنية والإبداعية في تجديد فن الملحون الذي شكل عبر قرون رافدا أساسيا ومهما ضمن الموروث الفني والموسيقي المغربي وقدمه للجمهور في توليفة فنية متجددة فسحت له مكانا أثيرا في ذائقة أجيال عشاق الفن بالمغرب قديمها وجديدها . كما يعد الفنان الراحل، إلى جانب شيوخ كبار أمثال عبد الكريم كنون والحسين ابن إدريس وإدريس بنجلون وغيرهم، أحد أقطاب فن الملحون الذين ساهموا بأعمالهم الفنية في صيانة هذا الفن الأصيل الذي يمتح من التراث الفني المغربي الغني والمتنوع . وساهم الفنان بوزوبع الذي كان وضعه الصحي قد تدهور في السنة الأخيرة في إغناء الريبرتوار الموسيقي لإذاعة فاس من خلال أزيد من 170 أغنية وقصيدة كان لها دور في صيانة فن الملحون والمحافظة على هذا الموروث الفني الأصيل .