ستقول الأسطورة إن الراحل ترجل من سيارته، وذهب حتى المكان الذي رحل فيه الزايدي لكي يطلع على شيء ما، وهناك صدمه القطار ومات. سيزدرد الكثيرون الحكاية، لكن في الدواخل منهم سيظل ألم الفقد الكبير ينافس ألم سؤال محير وتيه استفسار أكبر ملخصه العام: ماذا كان يفعل وزير الدولة في ذلك المكان في تلك اللحظات الأخيرة من يوم الأحد 7 دجنبر؟ اليوم لا مكان إلا للحزن، لا متسع إلا للألم ولمشاطرة عائلة الراحل عبد الله باها مصابهم الجلل، سواء كانت الأسرة الصغيرة التي ستفتقد فيه الأب الحنون المعروفة سيرته بين الجميع، أو أسرته الكبيرة في العدالة والتنمية التي ستفتقد فيه ذلك العقل القادر بكل هدوء الكون على إدارة الصراعات تلو الصراعات، مع الحفاظ من قلب الشخصية السوسية المغربية على القدرة على الالتفاف على المشاكل الكبرى من أجل إيجاد ممر للماء لكي يعبر منه لئلا تصل المسائل إلى الصدام. في التعريف الأول لباها منذ أن أصر عبد الإله بنكيران على جعله وزير الدولة المرافق له في هاته التجربة الحكومية سمعنا كل العبارات وكل المترادفات، من الصديق إلى أمين السر إلى الحكيم إلى المقرب الوفي، لكن عبارة "علبة الأسرار" التصقت بباها أكثر من غيرها من العبارات، وحين كان بنكيران يرغب في الانتهاء من موضوع ما كان يلخص المسألة بعبارته التي يحفظها لصحافيون عنه "سولو عبد الله باها". علبة الأسرار هاته ستكبر اليوم، وهي تضيف لها سرا ولا أعظم هو سر الرحيل، سر العبور ذلك الأحد من وادي الموت، وادي الشراط، غير بعيد عن قنطرة مات فيها في ظروف غامضة أخرى أحمد الزايدي تاركا أسئلة كثيرة وراءه. لن يرد أحد، ولن يمتلك أحد "وقاحة" التفكير في الرد لأن باها رحل لوحده. سره سيظل بينه وبين خالقه. ستكتفي القصصات الصحفية بنقل أخبار الوادي والجثة والسكة الحديدية، والسيارة الواقفة لوحدها غير بعيد عن ممر القطار تنتظر سائقها الذي لن يعود إيها. سيبدع المغردون والمدونون في مواقع التواصل لكي يقتربوا من حقيقة لن تزيد إلا ابتعادا عنهم. سيقولون الشيء الكثير. ستحتضن أرض الراحل جثته هذا الثلاثاء. ستنتهي حكايته إلا من بعض الذكرىالطيبة حين سيتذكره المقربون، وسيبقى السؤال عالقا حارقا إلى يوم الدين يقول : ما الذي وقع بالتحديد تلك الليلة الحزينة؟ لن يجيب أحد، فلا أحد بالتحديد اليوم حقيقة ماوقع في وادي الموت ذلك المساء عن "الأحداث المغربية" عدد الثلاثاء 9 دجنبر