من أجل المحافظة على بقائه لا يزال النظام في الجزائر متماديا في الهروب إلى الأمام ولازالت المعارضة تتهاوى وتضعف باحثة عن مصداقية في مجتمع مفكك فقد بوصلته هو الآخر. بكلمة واحدة لا شيء على ما يرام في الجزائر ولولا ذراع البوليس والريع النفطي لكان انهار كل شيء وسقط النظام سقوطا حرا إذ التذمر يعصف بكل البلاد ولا يمكن أن يجد الزائر للجزائر جزائريا واحدا راضيا عن الوضع ما عدا قلة تستفيد من الريع و اقتصاد الفساد. لقد همّشت الغرفة السوداء المتحكمة في رقاب الجزائريين كل نشاط سياسي خرج عن طاعتها ووضعت في الواجهة وعلى كرسي متحرك رئيسا مريضا لا حول له ولا قوة لتقضي نهائيا على ما تبقى من الوظيفة الرئاسية في البلد. لقد اغتصب الدستور وقوانين الجمهورية في وضح النهار ولم يعد يعني الاقتراع شيئا في زمن عبد العزيز بوتفليقة وحاشيته إذ كل شيء زُيّف وابتذل. بلد مريض كرئيسه إذ يعيش الإنتاج أسوء أوضاعه والاستيراد أزهى أيامه، العدالة غارقة في تلبية إرادة الأقوى والأغنى والصحة معتلة والإسكان معضلة والجامعة كادت أن تتحول إلى روضة أطفال والمدرسة منكوبة والطبيعة مغتصبة والأمن غائب وأملاك الدولة منهوبة والثقافة فلكلور شعبوي وضجر عام وشبان وشابات فضلوا الموت في اليم بدل العيش في الغم كما يقولون ولا مخرج للجزائر سوى المطار كما تعتقد الأغلبية. مجتمع يتآكل ويفقد كل يوم توازنه وقيمه، أصبح الاحتيال فيه مهنة والرشوة فضيلة. لم يعد متمكنا حتى من تسيير القمامة، تصعلك وتحول تحت سلطة الرداءة إلى مزبلة في الهواء الطلق، فأنى وجّه الجزائري نظره اليوم تهاجمه أكوام من الأوساخ وتحاصره تلال من أكياس قمامة مثقوبة تطلق روائح كريهة تسمم محيطه وحياته. مجتمع طارد لنخبته المفكرة والعالمة ويتذلل أمام الدراويش ويتشبع من أفكارهم القروسطية المنافية لكل تقدم. ما مصير مجتمع سلم أمره لأناس لا يهمهم البتة أيجاد حلول لمشاكل بلدهم بقدر ما هم مهتمون بالبقاء على كرسي السلطة ولو كان كرسيا متحركا. إلى متى يبقى الشعب جالسا على كرسي الاحتياط. كل شيء هنا يشي بانفجار عظيم.