شاءت الأقدار، والحكومة الحالية تعيش أيام خريفها، وتحت ظل الدستور الجديد، أن يكون يوم 13 شتنبر 2011، اليوم الذي شهد دق آخر مسمار في إسفين الانتظار الممل الذي خيم على أكبر ملف فساد مالي في تاريخ المغرب. بعد مرور عشر سنوات على تقرير لجنة التقصي البرلمانية التي ترأسها المستشار «رحو الهيلع» والذي فضح أوجه تبذير مايقارب 11500 مليار سنتيم (115 مليار درهم). ومايربو على سبع سنوات من قرار وزير العدل الراحل «بوزوبع» في 31 دجنبر2003 بإحالة الملف على القضاء، تأتي عجلة العدالة لتأخذ مجراها الطبيعي، في ملف شكل مسرح تنازع بين المؤسستين التشريعية والقضائية لسنوات (رفض رئيسي مجلس المستشارين الراحل عكاشة والمعطي بنقدور، تمكين قاضي الغرفة الرابعة باستئنافية البيضاء من وثائق تقرير لجنة التقصي التي كانت بعهدة مجلس المستشارين). سنوات غيّب خلالها الموت بعض المشتبه فيهم، بينما استوطن داء «الزهايمر» ذاكرة أحد المدراء السابقين للصندوق، وفرض سلطان الحركة الانتقالية نفسه على قاضي التحقيق (جمال سرحان)، ليزج به خارج استئنافية البيضاء. صبيحة يوم أمس، كان بهو محكمة الاستئناف على غير عادته، يعرف حضور عدد كبير من أصحاب البذلات السوداء، ومجموعة من الرجال الذين غزا الشيب رؤوسهم، يتبادلون تحايا حارة و همسات خافتة بعيداعن كل الغرباء المتلصصين ... علي الساعة التاسعة و أربعين دقيقة، وجد المتهمون ال 28 أو من حضر منهم، سيف جناية «المساهمة في تبديد أموال عمومية» مسلطا على رقابهم، داخل القاعة رقم (8) ... جلسة تميزت بحضور الأسماء الوازنة في القضية، المدير العام السابق «محمد كورجة» (1971 – 1991) و «عبد المغيث السليماني» الكاتب العام السابق و «امحمد لعلج» الذي شغل منصب مدير عام (1992 – 1995) و«رفيق الحداوي» المدير السابق خلال مرحلة (1995 – 2001) و«منير الشرايبي» (2001)، و«حسن مهاجر»، الذي شغل مهمة كاتب عام ومفتش عام و «الجابوري» (المدير المالي السابق) و محمد الودغيري و عبد المالك التراب ، مصطفي واكريم ... بينما تم تسجيل غياب المتهمين الثلاثة ... «أحمد شفيق» و «محمد الصغيري» و «توفيق بنحدو». الجلسة الثانية في القضية، بعد تلك التي عقدت في 4 من شهر غشت الماضي، شهدت بعض الازدحام أمام منصة الاتهام، حيث تجّمع كل من المتهمين ومحاميهم، بشكل جعل كل الحضور غير متابعين لما يدور بين القاضي والمحامين، كما تميزت الجلسة باحتجاح بعض المحامين، على غلق «ميكروفون» القاعة، مادام الأمر يتعلق بجلسة علنية، وهو الطلب الذي حظي بتأييد ممثل النيابة العامة، وموافقة قاضي الجلسة الذي عين تاريخ 4 من شهر أكتوبر المقبل، موعدا لاستئناف جلسات القضية، بطلب من هيئة الدفاع واستدعاء بعض الشهود.