لو كان يتخيل أن مبلغ الخمسين مليونا التي فاز بها في لعبة البوكر سيجلب عليه كل هذه "التابعة" لوضع "جوطوناته" على الطاولة ولألقى كل أوراقه بين يدي مسيرها، ولطلب من الحظ أن يعاكسه. هو صلاح الدين يتيم وإلى غاية الأسبوع الفارط لم يكن أحد يعرفه في المغرب قبل أن يصبح النجم الأول لكل النقاشات. تهمته الوحيدة هي أنه إبن قيادي في حركة التوحيد والإصلاح وفي حزب العدالة والتنمية وفي نقابة الحزب الحاكم، والعديدون ربطوا بين هذا الضرب تحت الحزام وبين عدم انخراط نقابة والده في الإضراب الوطني المرتقب يوم 29أكتوبر لكنه ربط يظل غير دقيق. أدق منه أن صلاح الدين يتيم مضطر اليوم لشرح مايفعله بارتباط مع والده، لذل حرج فيتصريح عبر موقع "360" يقول فيه "إذا كان ما قمت به حراما، فقد دفعت الثمن ونلت العقاب، وأعتقد أنه أشد من عقاب الله"، وكشف صلاح الدين يتيم، في مقابلة له مع نفس الموقع أنه لا يدري إن كان فوزه بجائزة البوكر حراما أم حلالا، وأنه لم يسبق له أن أفتى في هذا الأمر، لكنه دافع عن قانونية اللعبة. ودافع صلاح الدين يتيم عن لعبة البوكر، دون أن يصفها بالرياضة، وقال "إنها لعبة تنافسية، تعتمد على التحليل النفسي ودراسة الاحتمالات، وليس الحظ وحده، فالحظ مطلوب في كل الرياضات، وإلا ما معنى أن يقتصر الصراع في كبرى الدوريات العالمية على خمس أو ست أسماء معينة، يتكرر فوزها غالبا، فهل مثلا تكرر ولو لمرة واحدة فوز أحد باللوطو. وأبدى الشاب، ذو 34 سنة، الذي يشتغل مسير شركة للمحاسبة، استغرابه من التركيز على فوزه، دون المغربيين اللذان فازا معه في دوريWPT بمراكش، وقال معلقا "المغربيان اللذان فازا معي مسلمان أيضا، فلماذا يتيم وحده، وهو الذي احتل المرتبة الثالثة؟". واعترف صلاح الدين في الحوار ذاته أن فوزه بمبلغ 50 مليون سنيتم في دوري للبوكر خلق إزعاجا كبيرا لدى والده، وروى تفاصيل أول نقاش بينه ووالده، عندما تلقى محمد يتيم نبأ فوز ابنه، وقال "أول سؤال طرحه والدي كان عبر رسالة قصيرة، كتب فيها "هل فزت في بطولة أم في قمار"؟ فكتب مجيبا "وهل تريد توضيحا أم فتوى؟". وأضاف صلاح الدين أنه تفهم موقف والده، عندما أخبره أن لا يريد لابنه أن يسقط في فخ الإدمان على القمار، وقال "والدي من مواليد الخمسينات، وهو لا يعرف لعبة البوكر، عكس أعداد كثيرة من أبناء جيلي. البوكر لعبة قانونية، وكثير من الشباب يمارسونها بطرق حبية، عن طريق كسب النقاط، وليس بالضرورة المال". وكشف المتحدث أن والده وجه إليه مجموعة استفسارات، كان أبرزها إن دفع مقابلا ماديا مقابل المشاركة في الدوري المذكور، وحول ما إذا أجريت المسابقة في "كازينو". وزاد مضيفا "والدي يعتقد أن الإنسان الملتزم دينيا هو الناجح، وهذا أمر خطأ في نظري". باختصار : خمسون مليونا لا تساوي بالفعل كل هذا الضجيج، لكن من يدري؟ ربما عندما تهدأ العاصفة، ويصرفها يتيم قد يستمتع بها بكل هدوء بعد أن ينسى الفيسبوكيون هاته الحكاية، ويشرعوا في الانشغال بحكاية أخرى مخالفة تماما…