في هذا الخريف لسنة 2014 بالصويرة، يحضر اوجين دولاكروا في مهرجان الاندلسيات الاطلسية، وهذا الامر هو بمثابة خيط نور فريد محمس بسعادته وطاقته هذه السنة، من اجل دورة متميزة لمهرجان اصيل ومتفرد . لماذا الصويرة ولماذا دولاكروا. الكل يعرف لوحة " اليهود الموسقيون لموكادور" هذه اللوحة الرمزية المعروفة منذ بداية القرن التاسع عشر، والتي بلغت للعالم اجمع تميز بلدنا وغنى تنوعاته. لكن لماذا وضعت نظرة وريشات دولاكرا على موكادور رغم انه لم يسبق له ان جاء الى هذه المدينة. ان الجواب المسجل في مذكرات سفره يختزل ذاك في جملة ان "هذا افضل ما يوجد بمملكتنا"، كما قال له السلطان مولاي عبد الرحمان، والذي حين استقباله لوفد فرنسي بقصره الملكي بمكناس كان قد احضر من الصويرة جوقا يتكون من يهود ومسلمين وهو جوق كان يعتبره من احسن ما يوجد بالمغرب . ان هذه القصة العجيبة تؤكد لنا عمق نوعية ومشروعية المدرسة الصويرية للطرب الاندلسي، وهي ايضا قصة تحكي لنا عن تعايش وانسجام اليهود والمسلمين وهو الشيئ الذي يؤرخ لخصوصية الصويرة. ان هذه القصة لا تكتب في الماضي فقط، اعتبارا لكون مدينة الرياح تهدي للمولوعين منذ عشر سنوات مهرجانا فريدا وهو الوحيد في العالم الذي يبسط منصته للشعراء والمغنيين والموسقيين، مسلمين ويهود، حيث يحكون لنا باسلوبهم الخاص عن فن الحياة الجماعية، حيث ميزة التشارك وتقديم الموسيقى والثقافة في ابهى الوانها المعبرة عن مقاومة الانكماش او النسيان او الانكسار. ومن اجل ان يصير العيد مكتملا، فإننا في هذه اللحظة امام باحثين شباب وموسيقيين صويريين، برئاسةعبد الصمد اعمارة ، مدير المعهد الموسيقي بالصويرة، واللذين تمكنوا، بعد شهور من الاشتغال، من ترتيب ونقل تقاسيم وكلمات وتلحين المقطوعة الموسيقية المؤدات امام السلطان مولاي عبد الرحمان سنة 0424 وذلك بمساهمة الفنان مولاي عبد الغني الكتاني وهو من بين الاساتذة القلائل الذين عملوا على تدريسها بالصويرة . ان هذه المقطوعة الأسطورية والمعروفة باسم " القدام الجديد الصويري" لم يكن قد وجد لها اثر او نقل او اداء منذ اوائل القرن التاسع عشر. وان هذا الانجاز الذي سيتجلى بداخل برمجة دورة 2014 لمهرجاننا، قد تم بفضل صويريين تمكنوا من تحقيقه، ونحن هنا نحيي فيهم هذه الغيرة التي تؤكد مشروعية وقوة القيم التي اختارت الصويرة موكادور ان تدعم بها هوية نهضتها و مصيرها . وهكذا فاننا سنحيى جميعا لحظات متميزة ابتداءا من 30 أكتوبر، بدار الصويرى وامام المنصة الكبيرة للمهرجان : منصتين لاستقبال الجوق المتميز لتطوان برئاسة الاستاذ محمد امين الاكرمي والذي سيشاركه في الاداء الحاخام حاييم لوك وعبد الرحيم الصويري وبينيامين بوزاكلو. كما يتضمن البرنامج مشاركة كل تلك النساء اللواتي يعملن منذ سنين من اجل الغزو المتجدد لتراث الشكوري في كل انواع الفن اليهودي العربي، والملحون والشعبي والاندلسي، حيث ستستقبل الصويرة هذه السنة سناء مرحتي، نطع القيام، عبير العابد، زينب افيلال، فاتن كارتي، جوق النساء الصويريات ومدرسة فلامينكو لإشبيليا وغير ذلك من الفرقة الفنية . هذا مع العلم ان الرجال لن يتغيبوا وسيؤكدون خلال هذه الدورة قدرات مواهب صويريين تميزوا وطنيا بعطاءاتهم الفنية، من امثال هشام دينار ورشيد اوشاهد، الى جانب الحاج عبد المجيد الصويري، الذاكرة الحية لما اعطته الصويرة موكادور ضمن التراث الوطني للسماع والموسيقى الاندلسية. وفي نفس السياق سنحيي فقرات اخرى مهمة لبرنامج هذه الدورة، كل يوم بعد الزوال وبعد منتصف الليل بدار الصويري، حيث سنستمتع بلحظات فنية روحانية مع طوائف مدينة الصويرة، زاوية درقاوة وعيساوة واحمادشة والتيجانيين، وكل المجموعات التي تؤسس لروح الاتجاهات والأذواق الموسيقية، بفضل عطاءات وتسيير الحاج مارينة والحاج الهلاب وحمزة جورتي واخرون . هي دورة 2014 التي يلزم حضورها والتي لا شك انها ستظهر تجدر هذا العطاء في ذاكرة تاريخ وتقاليد الصويرة موكادور . وهي ايضا دورة تم تدبير برمجتها وتنظيم لحظات ابداعاتها من لدن فرانسواز اطلان، المديرة الفنية للمهرجان والتي تعمل كل سنة من اجل انجاح لحظات تمتيعنا بالموسيقى الاصيلة، مع عمق التأثر والمعني العميق الذي نعطيه لكل الموسيقات المدعوة الى الصويرة .