تسارعت الخطى باتجاه الحي الحسني. عناصر من مختلف الأسلاك الأمنية، ركنت وسائل نقلها على امتداد شارع مازالت السلطات المشرفة على تسيير هذه المقاطعة لم تختر له اسما، ليظل وصفه مرتبطا بحرف مضاعف، ورقم تعداده الأربعة فوق العشرين «hh 24». منذ الساعات الأولى، لبعد لظهيرة يوم السبت الماضي، سرت حركة غير عادية بالحي، الذي يتفق كثيرون على أنه يضم كثيرا من النقط السوداء، التي تعرف انتشارا للاعتداءات، واعتراض السبيل. لكن حجم الإنزال، كان أكبر من أن يفسر بعملية إيقاف أو بحث، أو حتى مداهمة. انتشرت سيارات الأمن ودراجات الصقور في جميع الأمكنة، انطلاقا من حي يحمل اسم ضريح ولي، يرقد منذ عقود يرقب مقبرة توقف استقبالها للموتى منذ أمد بعيد، يحمل اسم «سيدي الخدير»، مرورا بحي حديث اختير له اسم «سعد الخير»، وصولا إلى حي أطلق عليه اسم الوفاق، لكنه أبى إلا أن يكون عنوانا للاختلاف، الذي يصل حد «الشقاق»، أحيانا. تراصت الجموع، إيذانا بمتابعة احتجاجات “الفبرايريين” الذين اختاروا في برنامج حركة العشرين من الشهر الثاني من السنة، أن يحتجوا بهذا المكان على مقربة من إقامات «رياض الألفة». جموع أخرى لأمنيي البيضاء، غادرت مناطق عملها ودوائرها بأحياء مختلفة من المدينة، لتحل بالمكان داعمة، تقدمها «الوالي/النائب» في انتظار «التثبيت»، بعد أن تسلم في شهر الصيام زمام الإشراف وقيادة أمن البيضاويين، ليلتحق، كما عهد في سلفه المعاقب بالتنقيل إلى الجنوب، بالمكان المحدد في برنامج المحتجين. رحل «الموزوني» إلى زاكورة «تأديبا»، وعوضه «مؤدب»، فاختلفت استراتيجية مواكبة احتجاجات 20 فبراير بعاصمة المغرب الاقتصادية. فعلى مقربة من دائرة الأمن بحي الوفاق وقف والي الأمن بالنيابة يراقب جموع المحتجين، ليلتف حول مسؤولو المصالح، بمختلف المهام. يراقب الوضع من «عل»، وينسق بأجهزة الاتصال اللاسلكية، لتوكل مهام ضبط تحرك المحتجين إلى العميد، رئيس دائرة السيال، الذي رابط بين الجموع. غاب «الموزوني» الذي كان يضع نفسه في فوهة بركان المحتجين، تجذبه الأيدي، يحاور هؤلاء، ويهدئ من توتر أولئك. ليقف خلفه يتتبعهم بنظراته من بعيد. لم يلج الواليس الجموع، ولم يفرق بين الفصائل، تاركا المهمة لرئيس المنطقة الجديد، الذي أبدى همة وكثير حركة في القيام، بما كان مناطا بوال «مغضوب عليه»، في وقفة أول يوم من نهاية الأسبوع الماضي التي غاب عنها “العدليون”، وتشبث أبناء حي الوفاق برفع أصواتهم فيها للدعوة لمحاربة ما وصفوه ب «الفساد»، و”الحكرة”. وقبل أن تنفض الجموع همس مشارك في المسيرة إلى بعض رفاقه قائلا: “راه الوالي كيراقبكم غير من بعيد”.