إذا كان عرض فيلم "جاذبية" للمخرج الفونسو كوارون في الموسترا فاتحة نجاحات متعددة حققها في جوائز السينما ومهرجاناتها، فحصد العديد من الجوائز (من بينها 7 اوسكار و6 جوائز بافتا)، فان النجاح لا يمكن أن يكون وصفة مكررة. كان لافتتاح الدورة 71 من المهرجان بفيلم المخرج اليخاندرو غونزاليس اينارتو "بيردمان" رجل طائر، طعم المطبخ المكسيكي اللاذع على شاطئ البندقية الساحر. فهو عمل حرص مخرجه على أن يكون مبهرا واشكاليا في موضوعه وفي بنائه الفني بل واستعاراته وأسسه الجمالية النظرية، لكنه اختنق بكل ذلك وبدا مزدحما بتلك التفاصيل مفرطا في عرضها حتى بات اقرب الى السقوط في ما ينتقده، عبر سخريته السوداء، من واقع التسطيح الذي تفرضه أنماط الثقافة الشعبية وتعممه وسائل الاتصال على عالمنا المعاصر. لكن حشد النجوم الذين قدمهم الفيلم زين حفل افتتاح المهرجان بما شغل الصحفيين الباحثين عن الأضواء والجمهور المتلهف للنجوم وحضورهم الفاتن على السجاد الاحمر، فالتمع على مدخل مسرح الموسترا الكبير وسط صرخات حمهور المعجبين وفلاشات كاميرات المصورين مايكل كيتون وادوارد نورتون وايما ستون واندريا ريسبورو في حفل الافتتاح الذي حضره رئيس الجمهورية الايطالية جورجو نابوليتانو. لقد حرص اينارتو على أن يفاجئ الجميع بنمط أداء فني مختلف عما درج عليه واشتهر به في أفلامه السابقة (اموريس بيروس، 21 غرام، بابل،بيوتفل)،فاذا كان قد ابتعد في فيلمه هذا عن الحبكات والخيوط الدرامية المتعددة إلى التركيزعلى لحظة محددة في حياة ممثل شهير مأزوم وفي مكان محدد هو المسرح، إلا أن تعدديته انتقلت هذه المرة من الحبكة والسرد إلى موضوع التعبير الفني، حيث اختار اينارتو المزواجة بين العديد من القضايا المتناقضة الفن والحياة،الواقع والخيال، المادي والروحي ،السامي والمبتذل، الواقعي والسوريالي، ضمن سياق ما بعد حداثوي، جعل من لغته السينمائية لغة شارحة لا تكتفي ببناء العمل الفني بل وتشرح أليات الوصول الى ذلك في الوقت نفسه.