من هناك عبرت هدى شعلون الحدود جنوبا نحو بنما، وبالضبط لمحافظة بوكاس ديل تور، ثم نحو العاصمة بنما، حيث استقرت في المدينة القديمة المصنفة تراثا إنسانيا، قبل شد الرحال نحو أرخبيل "سان بلاس" بالكاريبي والمكون من أزيد من 350 جزيرة صغيرة تحظى بحكم ذاتي، وتتوارثها عائلات من السكان الأصليين تنتمي لإثنية "كونا يالا" المعروفة بكفاحها وثقافتها العريقة والمتنوعة. بذكريات وألوان المنازل الكاريبية وسحنات أوجه السكان وسحر الطبيعة، غادرت هدى شعلون سواحل بنما على متن سفينة شراعية في سفر امتد لخمسة أيام في الكاريبي نحو كولومبيا، حيث تنطلق المرحلة الثانية من رحلتها حول العالم، أمريكا اللاتينية، التي ستزور خلالها كلا من الإكوادور والبيرو وبوليفيا والشيلي والارجنتين، لتصل إلى جنة "أوشوايا"، حيث توجد نهاية الأرض، أو النقطة الأبعد من اليابسة جنوب الكرة الأرضية، قبل عبور ممر دريك نحو القطب المتجمد الجنوبي. وتعتزم الرحالة المغربية التوجه بعد ذلك إلى أستراليا، ومنها إلى عدد من بلدان جنوب شرق آسيا، لتقفل عائدة إلى الوطن الأم، المغرب، قبل متم نهاية السنة الجارية. وهي رحلة ستخوض خلالها تجارب تحرص على نشرها تدريجيا في مدونتها "رحالة مغربية" (موروكان نوماد.كوم). سفر مثل هذا لا يخلو من مواقف طريفة أحيانا، ففي نيكارغوا، ظلت هدى طريقها بين بلدتين بعدما سهت عن النزول في محطتها، ولكونها لا تتقن كثيرا الإسبانية، صعب التواصل مع ركاب الحافلة لشرح الموقف، قبل أن يعمد مجموعة من الشباب إلى الأخذ بيدها وإيصالها لوجهتها النهائية. عن هذا الموقف قالت هدى "لقد وثقت في نظراتهم وضحكاتهم من الورطة التي وقعت فيها، سلمت مصيري إليهم، أعلم أن نيكاراغوا البلد الاكثر أمنا بالمنطقة". وأسرت أنها على وعي بضرورة خوض "المغامرة لكن بحذر"، إذ ليس من الضروري أن يرتمي الرحالة وسط المخاطر حتى يحس بروح المغامرة. تنتقي هدى شالون الأماكن التي تزورها بشكل مسبق وتتفادى تلك المحفوفة بالمخاطر أو الأكثر عنفا، كما تحرص على الوصول بشكل مبكر لوجهتها مع نهاية كل يوم، وهو ما حدا بها إلى تفادي زيارة بعض بلدان أمريكا الوسطى الأكثر عنفا (هندوراس، غواتيمالا، سالفادور). وأضافت أن هذه الرحلة مكنتها من تقديم نظرة لمن التقهم حول المجتمع المغربي، ومكانة المرأة المغربية وقدرتها على المغامرة والسفر، ففي بعض المناطق النائية بأمريكا الوسطى، كانت هدى شالون أول مغربية يلتقي بها سكان تلك البلدات والذين لم يسبق للكثير منهم ان سافروا خارج حدود مناطق إقامتهم. وخلصت الرحالة المغربية، ذات ال 34 ربيعا وخريجة المدرسة الوطنية العليا للمعلوميات وتحليل النظم بالرباط، إلى القول أن هذه الرحلة هي سفر في الذات قبل أن تكون سفرا في الجغرافيا، رحلة لاكتشاف حدود التناغم بين الإنسان والطبيعة، والعلاقة بين القيم والأحلام، بعيدا عن أرق الحياة اليومية ورتابتها، من أجل التقدم نحو المستقبل بكل طمأنينة وهدوء.