لست مؤهلا، ولن أتجرأ على ذلك على كل حال، لإعطاء أهل التوحيد والإصلاح أي نصيحة وهم يعقدون مؤتمرهم، لكنني مؤهل مثلي مثل كل المغاربة العاديين للحديث عن هاته الحركة وعن مكانتها في المشهد السياسي والدعوي المغربيين، وإن كان الفصل بين المجالين شاقا على الإخوة في هاته الحركة، أو على الأقل هو لا يبرز بالعين المجردة للكثيرين من أمثالي ممن يجدون صعوبات شديدة في عديد الأحايين في تحديد هوية الحركة، وتحديد مدى ارتباطها بالحزب الذي يقال في الدارج الإعلامي إنها ذراعه الدعوي، ويقال في الدارج الخاص إنها محركه الأساس والمتحكم الأول والأخير فيه. هذه الحركة اعتادت الاعتزاز بمغربيتها وانتمائها "القطري" (بضم القاف رجاء ووضع السكون على الطاء دلالة الانتماء إلى القطر المغربي)، وهي في تصريحات أغلبية قادتها إن لم نقل كلهم تصر على أن الارتباط الروحي الذي يجمعها بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين هو ارتباط تعاطف وتأثر في البدء لاأقل ولا أكثر، وأنها صاغت خلال مسيرتها المغربية الخاصة بها. مشاهد خصوصيتها وسط تيارات الأسلام السياسي المنتمية للأقطار الأخرى، وهذا كلام جميل للغاية نريد أن نصدقه طالما لم يصلنا ما يثبت عدم صحته لئلا نقول كذبه، لأن المؤمن لا يكذب، ولأن الحرب خدعة ضد الكفار وليس ضد من نشاطرهم بالإضافة إلى الانتماء الديني الواحد انتماء الوطن، وهو أيضاً انتماء هام ومقدس وثابت لايقبل أي نقاش. نريد أن نصدق هذا الكلام، ولانملك إلا تصديقه لأنه لم يصلنا إلا نزر قليل من عدم صحته مما يمكن إدخاله في إطار "اللمم" الذي لابأس به، ونصدق هذا الكلام أيضاً لأننا في حالة عدم التصديق سنكون أمام مأزق لا نريده للوطن نهائيا: مأزق تقسيم في النوايا والارتباطات لعلنا في غنى عنه اليوم، ولا نريده لبلدنا ونحن نرى ما تعاني منه البلدان الأخرى جراء تسرب كارثة تقسيم النوايا هاته إلى عقول أبنائها. لذلك وجب قولها لإخواننا في حركة التوحيدوالإصلاح بشكل شريف وواضح ومباشر وصادق : كف الآخرين أذاهم عنكم، والتوقف عن التلويح بالارتباط المباشر أو غير المباشر بالأجندات الإخوانية المختلفة يأتي دوما كنوع من الرد على تلويحكم، كلما اختلفتم مع تيار من تيارات البلد الأخرى بالارتباط بالأيادي الدخيلة والأجنبية والرغبة في تطبيق الأجندة الخارجية وتهمة المساس بالقيم والثوابت نظير مقابل مؤامراته لايوجد في أغلبيته الغالبة إلا في مخيلتكم. دعوكم هنا من الجمعيات غير الواضحة الارتباط، من تلك التي تعترف أنها لاتعيش إلا بمال الأجنبي وأنها غير مستعدة للتفريط فيه وإن رهن مستقبل البلد كله. هؤلاء لديهم تعامل خاص القانون سيكون فيصله يوما ما. لا، نحن نتحدث عن الصادقات والصادقين من أبناء الأمة المغربية (وهي أمة مسبقة لدينا على من وماعداها) الذين تختلف تصوراتهم مع تصوراتهم حول عديد القضايا. هؤلاء يجدون أنفسهم في أول اختلاف معكم عرضة لكل التصويب الممكن والمستحيل بنيران التخوين والإخراج من الملة والحساب على أعداء الإسلام ممن يخططون – حسب تصوركم وهو يحترم رغم عدم الاتفاق الكامل معه – صباح مساء للنيل من ديننا ومن قيمنا وثوابتنا. النقاش غير ممكن مع عقلية المؤامرة هاته، والحوار مستحيل، والنتيجة النهائية هي دفع الآخر لتشدد يفوق تشددكم، قد يبدو لكم اليوم مقدور التجاوز سهل الدفع، لكن الأيام تدور. وقد جربتم دورتها يوما في الاتجاه السلبي قبل أن تجربوهاإيجاباً الآن، مايفرض عليكم تعاملا من نوع آخر مع مخالفيكم يناقش ولا يكفر، ينصح ولايفض الناس من حوله، يطبق القول القرآني العظيم أن "إدفع بالتي هي أحسن" مما كبرنا عليه في إسلامنا المغربي الوسطي المعتدل. نعم، لدينا إسلامنا الخاص بنا هنا في المغرب، وأنتم أعرف الناس بهذا الأمر، لأنكم تقولونه دوما وأنتم تنصصون على خصوصية حركتكم وسط حركات التنظيم العالمي، لذلك لامفر من أن يطالبكم المغاربة دوما بالمزيد من الدلائل على هاته الخصوصية وعلى الإيمان الحق بها. لامفر من الأمر وأنتم ترون إلى أين وصل بنا وبديننا "دواعش" الوقت الذين لانريد أن نصدق أبدا أنكم مجرد مظهر لطيف لهم قبل التمكن في الأرض. نحن المغاربة يستحيل أن نكون بهذا النفاق، لذلك لاأراكم إلا مغاربة أختلف معهم في كثير من الأشياء لكنني لاأجرؤ أبدا على المساس بمغربيتهم، طالما لم يجرؤوا يوما على المساس بإسلامي مع كامل المتمنيات لكم بنجاح مؤتمركم لما فيه خير هذا البلد الأمين، فهو الأبقى في نهاية المطاف. ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق لم أهتم كثيراً بجلباب "مدام بنكيران" مثلما فعل أغلب شعب الفيسبوك بقدر اهتمامي بتنصيص الرئيس أوباما على أهمية المغرب الإفريقي، وعلى الموعد الهام في نونبر المقبل، على أرض بلدنا، للقمة الاقتصادية الأفرو أمريكية. الآخرون، أولئك الذين أرادوا أن يصنعوا من حبة الثرثرة الفيسبوكية قبة بكائية لتمرير كلام آخر، يمكن تركهم عند حدود الجلباب والاهتمام بتفصيلته ولونه وسفيفته والعقد. البلد أهم بكثير من صورة تذكارية من المخجل حقاً أن تتحول إلى موضوع يثير كل هذا الاهتمام المرعب والمخيف لعقولنا جميعا.